تَتجدّدُ رهانات التلفزة الوطنيّة مِن سنةٍ إلى أخرى، ويبقى أهمَّها، تلبية حاجات المشاهد التونسيّ خاصة خلال شهر رمضان، أوّلا، وما ينتظرُه مِن المرفق العامّ، في ظرف استثنائيّ بكلّ المقاييس، وفي ظلِّ احتدام المنافسة مع القنوات الخاصّة…
ويُعتبرُ الشهر الكريم شهر الإنتاج الدرامي، خاصّة، والتلفزيّ عامّة، في المصنّفات الثقافيّة والترفيهيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة، وغيرها مِن الأنماط التي تشدّ إليْها المشاهدين بمختلف شرائحهم العمريّة والاجتماعيّة.
وقد حَرصت التلفزة الوطنيّة، في كلّ البرامج التي أعدّتها لشهر رمضان، على الالتزام بِمبدأيْن:
الأوّل: الحرص على إمتاع المشاهد التونسيّ وإتحافِه، وتخفيفِ الضغط النفسيّ الذي عاشه بسبب سنتيْ “الكُورونا” الأخيرتيْن،
الثاني: تلبية حَنينِ المشاهد التونسيّ إلى الزمن الجميل، وتذوّقِه للفنّ الأصيل.
الدراما: معالجة لقضايا اجتماعية من زوايا كاميرا الإبداع
رسمت التلفزة الوطنية الأولى لنفسها خطا لا يخرج عن أهدافها العامة ووظائف الإعلام العمومي، وذلك لإنتاج أعمال درامية تعالج قضايا اجتماعية راهنة من زاوية فنية، من ذلك مسلسل “الحرقة” الذي يصور مأساة الهجرة غير الشرعية وانكسار أحلام المهاجرين الشباب سواء في عرض البحر أو على صخور شواطئ المدن الايطالية وتعرضهم إلى التمييز العنصري وتناقضات الحياة التي يدفعهم إليها الفقر والمصير الغامض في بلادهم…
وتأخذنا سلسلة “كان يا ما كانش” إلى زمن غير زماننا وإلى مكان ربما لم يكن له وجود إلا في مخيلتنا لكن الأحداث و الشخصيات رغم خروجها عن المألوف تصور السلوكيات السلبية والنفاق والمحسوبية التي تنخر المجتمع كما تهدف الصور الكاريكاتورية إلى حث المشاهد على التحلي بروح تحليلية نقدية إزاء الظواهر الاجتماعية…
وقد ارتأت القناة الوطنية مواصلة إنتاج الأعمال الدرامية ذاتها، أي “الحرقة” و”كان يا ماكانش” وذلك لعدة أسباب منها ما لقيته السلسلتان من صدى طيب لدى المشاهد ولسعي القناة إلى تعويد المشاهد على أعمال درامية ذات جودة عالية تجمع بين اتقان الحبكة الدرامية والأداء المتميز لنخبة من الممثلين، والمواضيع الهادفة التي تقطع مع السطحية وتتجاوز الهدف الترويجي البحت.
وتشجيها للانتاج الوطني والمحلي، قرّرت القناة الوطنية الأولى عدم برمجة أي عمل عربي أو أجنبي مدبلج في رمضان 2022، والاقتصار على الأعمال التونسية وهي “صيد الريم” و “اخوة وزمان” و “الدوامة” و “يوميات امرأة”…
رمضان.. نفحات دينية و روحانيات
أولت القناة الوطنية الأولى أهمية كبرى للبرامج الدينية بمناسبة شهر رمضان الفضيل بما يستجيب لإنتظارات المشاهد وفق خطاب ديني وسطي ومستنير يبرز القيم السمحة للإسلام يوميا ساعة من البث قبل الإفطار لبرمجة تتضمن مختارات من الأناشيد وبرنامجا دينيا أنتجته خصيصا لرمضان 2022 يحمل عنوان “اقرأ” يقدّمه الشيخ محمد مشفر، يتحدث عن فضائل القرآن ومعاني سوره ومظاهر الإعجاز فيها كما تم إنتاج ثلاثين حلقة من القرآن الكريم وهي عبارة عن إكساء جديد لأحد أجمل أصوات المقرئين التونسيين صوت الشيخ محمد البرّاق.
كما تم اختيار مجموعة من البرامج التلفزية الدينية من بينها “نهج البردة” و”مقامات الصالحين” لتأثيث نصف ساعة إثر نشرة الواحدة للأخبار وساعة تلفزية مع صلاة الصبح وساعة الإمساك.
الأخبار.. المواقيت القارة للنشرات
حرصا من القناة على احترام خطها التحريري باعتبارها قناة جامعة وإيمانا منها بأن الأخبار حق يضمنه الإعلام العمومي للمواطن التونسي، فقد تقرر الحفاظ على مواعيد النشرات الإخبارية، خاصّة وأن الخارطة البرامجية تسمح بذلك.
الصالح العام.. المواكبة الحينية وتنوع المضامين
تتنوع البرامج الخدماتية التي توزعت في رواق تلفزي من الاثنين إلى الخميس من الساعة الثانية إلى الساعة الرابعة ظهرا، مع الموعد اليومي القار مع البرنامج الخدماتي ليتلقى المشاهد مادة إعلامية تتنوع مضامينها وأشكالها الصحفية من تقارير ونقاط خارجية وضيوف ذوي اختصاصات متعددة متنوعة منها الديكور ومنها الطبخ ومنها التغذية..
ولئن بدا للوهلة الأولى أنّ الموعد الاقتصادي قد حجب، فإنه في الحقيقة قد تمّ توزيعه على فقرات يومية على مساحة البرنامج اليومي بهدف مرافقة المواطن يوميا عبر جولة في الأسواق في مختلف الجهات وترشيد الاستهلاك دون إغفال فقرة البورصة والصرف و الخدمات المالية…
ولأنّ المرحلة الحالية تقتضي اهتماما خاصا بالمواضيع المتعلقة بالصحة، باعتبار تأثيرات جائحة الكورونا ومخلفاتها وتعدد أسئلة المواطنين الطبية حول الصيام والصحة، فإنّ موعد “المجلة الصحية” يتواصل أسبوعيا يوم الجمعة.
وللتونسيين أينما كانوا مساحة تلفزية خاصة على امتداد ساعتين يومي السبت والأحد لكل الخدمات القانونية و الجمركية والأحداث الثقافية والفنية التي تهمهم، يجدها مواطنونا خارج أرض الوطن في برنامج “أهلا تونس”.
كما تم إعداد برنامج للرياضة في مساء الثلاثاء للرياضات الجماعية.
الترفيه.. بين الهوية الموسيقية والانفتاح الثقافي
“ليالينا” هو عنوان المنوعة الأسبوعية المباشرة التي تبث في سهرة السبت وتستضيف نجوم الفن والثقافة، ساعتين من الزمن لتقدّم نماذج من الفن التونسي الأصيل بثراء أنماطه الموسيقية.
وتتضمن الشبكة مواعيدا موسيقية أخرى لعروض موسيقية متميزة من مدينة الثقافة، كما ستواكب مهرجانات المدن في نشرة يومية بعنوان “أجندا السمر”.
إلى جانب عودة إلى الزمن الجميل مع ثلة من الأعلام و الرموز الفنية الخالد في مجالات متعددة ضمن برنامج “من الزمن الجميل”.
كما ستبث درر المنوعات التونسية من الأرشيف ومنها على سبيل الذكر السهرة الفنية في بيت الراحلة عليّة وكذلك بعض الأعمال الأخرى لسنوات التسعينات ومنها “بيت السهارة ” و”مشموم الفل”.
كما تمّ اقتناء حقوق بث برنامج فني بعنوان “آخر الكلام” يقدّمه الإعلامي التونسي العربي عماد دبّور وترافقه الفنانة العربية أميمة خليل لمحاورة ضيوف تونسيين وعرب والبرنامج عبارة عن مراوحة بين الدردشة والغناء….