عاشت مدينة توزر نهاية الأسبوع الماضي على إيقاع الشعر والمسرح والفنون من خلال فعاليات الدورة الـ 43 لأعرق مهرجان شعري في تونس.
وبدعم من وزارة الشؤون الثقافيّة، وتحت إشراف المندوبيّة الجهويّة للشؤون الثقافيّة، نظمت جمعيّة المهرجان الدولي للشعر بتوزر، دورة جديدة من المهرجان الدولي للشعـــر بتوزر تحت عنوان “الشعر والتواصل” بمشاركة شعراء من مصر والعراق والمملكة العربية السعودية وسويسرا والمغرب والجزائر إلى جانب تونس.
وانطلقت فعاليات المهرجان يوم الخميس 23 نوفمبر في السابعة مساء باستقبال الضيوف بنزل الإقامة، ثم تنتظم سهرة تعارف.
فيما شهد صباح يوم الجمعة 24 نوفمبر سيُخصص لزيارة روضة الشاعر الخالد أبو القاسم الشابي وتلاوة الفاتحة على روحه، ليكون الافتتاح الرّسمي للمهرجان بكلمة جمعيّة المهرجان، فكلمة المندوب الجهوي للشؤون الثقافيّة بتوزر، تليها كلمة والي توزر.
في العاشرة والربع صباحا، يُتابع المشاركون وجمهور المهرجان عرض الافتتاح من تقديم الفنّان المغربي نور الدّين ضرار، يلي ذلك تكريم رمزين من رموز الجريد الثقافيّة وهما الشاعرين خير الدين الشابي ومحمد اللّواء عمارة، فضلا عن تكريم محمود العبسي الفائز بجائزة عبد الحميد خريّف للشعر للدورة 42 بالشراكة مع دار خريف للنشر.
في حدود منتصف النهار برمج المنظمون زيارة للمخيم الإيكولوجي الواحي “تريتونيس” بدقاش أين انتظمت قراءات شعريّة في الواحة، وفي الخامسة والنصف مساء، انتظمت الأمسية الفنية الشعرية التي احتضنتها ساحة القبّة الضوئيّة، وهي من تنظيم مركز الفنون الدراميّة والركحية بتوزر وإخراج الأستاذ عبد الواحد المبروك تحت عنوان “فلسطين سيّدة السّماء والأرض”.
يوم السبت وفي العاشرة صباحا انتظمت الجلسة العلمية في المعهد العالي للدراسات التطبيقيّة في الإنسانيّات بتوزر برئاسة الأستاذ جمال الشابي، وفيها مداخلة للدكتور محمد القاضي حول “الشعر ومجتمع المعرفة: عمرك الله كيف يلتقيان؟” أكد خلالها أن الموضوع بدا له عاما وقد لا تتوفر فيه مادة كافية لباحث حتى يتحدث عن علاقة الشعر ووسائل الاتصال، ثم انفتحت المسالك حتى تفرعت المعلومات والرؤى وفي النهاية اقترح عنوان “الشعر ومجتمع المعرفة” بما هو أكثر اتساعا من وسائل التواصل.
فمداخلة الدكتور مصطفى الكيلاني حول “راهن اللّحظة الشعريّة العربيّة بين واقع الاتصال ومشكلات التواصل”، حيث تحدث في البادية عن صلة الشعر بتوزر وبأبي القاسم الشابي، ثم تحدث عن الإنسان الشاعر، وأشار إلى أننا نعيش زمن الرفاه الزائف وزمن الابتذال، ليحدد فيما بعد الكلمات المفتاحية لمداخلته التي تمحورت حول الشعر والشعري والزمن الشعري أو اللحظة الشعرية والاتصال والتواصل.
وأشار إلى أن “التشبيك” العالمي للثقافات أدى إلى ثقافة كونية مُنمّطة، تضيع فيها الخصوصية، وفي المقابل يوجد انحدار واضح في الشعر والثقافة الشعرية وفي الحديث عن الشعر ومكانته حتى أ، بعض الشباب قد لا يسمعون الشعر وقد لا يعتبرون أن الشعر جدير بأن يوجد ولا قيمة له في المجتمع وهو إضاعة للوقت.
وهو ما يعتبر نقصا في الثقافة الشعرية ونقص حتى في القيم، وهو ما أدى إلى نوع من القطيعة بين الشعر والجمهور، وهناك موقفان، موقف يرى أن الانترنت تمثل خطرا على الشعر وموقف يرى أنّ الانتنرت بتطوراتها هي فرصة جديدة تتاح للشعر ليحتل موقعا لم يكن يحتله ويدخل مساحات جديدة، لذلك ثمة أصوات تتحدث عن نهضة الشعر في عصر الرقمنة، وثمة من يعتبر أن الشعر سبق العولمة في تعدد الوسائط.
تلتها مداخلة الدكتور شفيع بالزين الذي سعى للإجابة عن جملة من الأسئلة من ذلك هل أن الشعر في فطيعة مع التواصل أو أنه تواصلي؟ وما هي خصائص التواصل الشعري، وكيف يحقق الشعر التواصل ويحافظ في نفس الوقت على خصوصيته وطابعه الانزياحي؟
وعرض موقفا أولا يرى أن الشعر متعارضا مع التواصل أو أنه لا يحقق شعريته في إطار التواصل لأنه خطاب انزياحي أو متعالٍ فيما يعتبر الموقف الثاني أن الشعرَ محقق للتواصل لأنه خطاب لغوي ينجزه متكلم يتوجه به إلى متلقٍّ ليحقق أثرا ما فيه بغض النظر عن طبيعته، وخلص إلى آليات التواصل الشعري ويحافظ على طبيعته وخصوصيته.
وفي نفس اليوم نظمت إدارة المهرجان زيارة لعنق الجمل وموقع تصوير فيلم حرب النجوم ومدينة نفطة، وفي المساء انتظمت أمسية على شرف الضيوف في فضاء “بربورة” بالواحة القديمة لتوزر.
واختتمت فعاليات الدورة الـ 43 لمهرجان الدولي للشعر بتوزر صباح الأحد 26 نوفمبر بتلاوة البيان الختامي والتوصيات وتوزيع الشهائد.