الأمم المتحدة تفتح هذا الملف الحارق: الذكاء الاصطناعي يهدد البشرية

اثارت صيحة الفزع التي اطلقتها الامم المتحدة مخاوف العالم من تطور برمجيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على العالم . وتقول الأمم المتحدة إن العلماء والخبراء دعوا للتحرك، وأعلنوا أن الذكاء الاصطناعي تهديد وجودي للبشرية، لا يقل عن الحرب النووية، مؤكدة “يجب أن نأخذ تلك التحذيرات بجدية بالغة”. وتجرنا هذه التحذيرات الى فتح هذا الملف والبحث عن سلبيات وايجابيات هذه التكنولوجيا الجديدة .

ويؤكد الخبراء إنهم رصدوا أضرارا ومخاطر لهذه التكنولوجيا الجديدة، تطلب ضوابط وضمانات لابد للدول والمؤسسات الكبرى أن تفرضها وتلتزم بها، وهذه المخاطر في حال تطورها من الممكن أن تصل إلى حد التهديد الوجودي للبشرية. ويقول محمد دله علي مهندس الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات أن هناك تصورين لمستقبل الحياة في ظل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، أولها من يرون أنه سيكون عصرا يفقد فيه الناس وظائفهم وتتم السيطرة على المواطنين من قبل المسؤولين والحكومات. بينما يرى أصحاب التصور الثاني أن عصر الذكاء الاصطناعي ستتطور فيه المجالات المختلفة كالطب والصناعة، وسيعطي مساحة أكبر للبشر للقيام بالأعمال الإبداعية بدلا عن الخطرة. وعدّد محلل البيانات فوائد مختلفة لهذه التكنولوجيا في مسارات ومجالات مختلفة، منها مجال الطب حيث إمكانية توفير المال والوقت في اكتشاف العقارات الجديدة، والتي كانت في السابق تتطلب في بعض الأحيان قرابة 1.5 مليار دولار ومدة تصل إلى 15 سنة، بينما يمكن أن يختصر ذلك بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي إلى بضعة ملايين في بعض أشهر وفق قناة الجزيرة.

مخاطر عالية

وبالمقابل يقول خبراء ان أن التصنيف الأعلى خطورة هو ذلك المتعلق بانتهاك حقوق الإنسان الأساسية، واستخدام الشرطة والمراقبة والتي ترتبط بالحرية وحيثية الفرد. وحول مخاطر الذكاء الاصطناعي، يرى بسام شحادات الاستشاري بالتسويق والتحويل الرقمي أنه لا مفر منها، لكن من الممكن إدارتها والحد منها، محذرا من سوء استخدام تلك التكنولوجيا. كما توقع أن يكون ضمن الآثار السلبية المترتبة عليه ازدياد معدلات البطالة خلال 5 سنوات المقبلة وخصوصا الأعمال الإدارية. أما النوع الآخر من الخطورة، فيتعلق بإمكانية خروج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة البشرية، وإمكانية بدئه في تشكيل وعي يمكنه من أن يعلم نفسه بنفسه، واتخاذ قرارات يمكن أن تشكل خطرا على مستقبل الحياة، وهو الأمر الذي ربما يجعل ما تضمنته أفلام الخيال العملي أمرا وارد الحدوث.

أطباء وخبراء يحذرون

في نفس السياق حذر أطباء وخبراء في مجال الصحة العامة من الأذى الذي قد يلحقه الذكاء الاصطناعي بصحة ملايين البشر ومن تهديده للإنسانية، ودعوا إلى وقف تطوير هذه التقنية إلى حين وضع قواعد لتنظيم استخدامها. يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض وفي توفير علاجات أفضل لها، لكن تطوير هذه التقنية قد يكون له أيضاً آثار سلبية على الصحة، وفقاً لما كتبه خبراء من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وكوستاريكا وماليزيا، في دورية بي إم جاي غلوبال هيلث. وقال هؤلاء إن الأخطار المرتبطة بالطب والرعاية الصحية “تشمل احتمال تسبب أخطاء الذكاء الاصطناعي في إلحاق الضرر بالمرضى، وقضايا تتعلق بخصوصية البيانات وأمنها، واستخدام الذكاء الاصطناعي بطرق من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والصحية”.

وذكروا أحد الأمثلة على الضرر المحتمل، وهو استخدام مقياس التأكسج النبضي الذي يحركه الذكاء الاصطناعي الذي بالغ في تقدير مستويات الأكسجين في الدم لدى المرضى من ذوي البشرة الداكنة، مما أدى إلى سوء علاج نقص الأكسجة لديهم. لكنهم حذروا أيضاً من التهديدات العالمية الأوسع نطاقاً للذكاء الاصطناعي على صحة الإنسان وحتى الوجود البشري.

تهديد 80 في المئة من الوظائف

على صعيد متصل وفي ظل المخاوف من فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، توقع خبير أمريكي أن تطيح هذه التقنية بـ”80 في المئة من الوظائف” لكنه اعتبر ذلك “أمرا جيدا”!  رأى الباحث الأمريكي بِن غورتزل في مقابلة مع وكالة فرانس برس أجريت على هامش “قمة الويب” في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، أن الذكاء الاصطناعي قد يكون بديلاً من “80 في المئة من الوظائف” في السنوات المقبلة، لكنه اعتبر أنه “أمر جيد”.

وعند سؤاله عما إذا كان “يجدر بنا اعتبار حلول الذكاء الاصطناعي مكان بعض الوظائف خطراً؟” قال “أعتقد أن الزمن سيتجاوز 80 في المئة من الوظائف التي يتولاها البشر في ظل النُظُم الجديدة من نوع + تشات جي بي تيChatGPT + المتوقع طرحها، لكنني لا أرى خطراً في ذلك، بل حسنة. إنه أمر جيد. سيجد الناس أشياء أفضل يقومون بها (…). من الممكن أتمتة كل المهام الإدارية تقريباً”. وأضاف “ستتمثل المشكلة في المرحلة الانتقالية، عندما يبدأ الذكاء الاصطناعي في جعل الزمن يتجاوز الوظائف تباعاً (…) لا أعرف كيف سنحل المشاكل الاجتماعية  الناتجة من ذلك”.

وأظهرت دراسات وأبحاث سابقة أن مهنا محددة أكثر عرضة للتغييرات المهمة خلال السنوات المقبلة مع الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للقيام ببعض الأعمال التي كان يؤديها بشر في السابق. وأوضح الباحث أن تقنية  الذكاء الاصطناعي  “يمكنها أن تفعل الكثير من الأشياء الجيدة، كالممرضة الآلية غرايس. ففي الولايات المتحدة، يشعر كثر من كبار السن بالوحدة في دور رعاية المسنين، إذ إن تلقيهم الطعام و الرعاية الطبية  وتمكنهم من مشاهدة التلفزيون لا يكفي ليوفر لهم ما يحتاجون إليه اجتماعياً وعاطفياً. لكنّ اعتماد روبوتات شبيهة بالبشر في هذه المراكز للإجابة عن أسئلتهم، والاستماع إلى قصصهم، ومساعدتهم على الاتصال بأبنائهم أو إجراء عمليات شراء عبر الإنترنت، يساهم في تحسين حياتهم”.

وفي سياق متصل قال أرفيند كريشنا الرئيس التنفيذي لشركة التكنولوجيا والكمبيوتر الأمريكية العملاقة آي.بي.إم  في تصريحات لوكالة بلومبيرغ للأنباء وأوردتها وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) إنه يمكن الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحل محل حوالي ثلث  وظائف إدارة الموارد الشرية  على سبيل المثال خلال 5 سنوات. وقررت شركة آي.بي.إم، التي تضم حوالي 26 ألف موظف لا يتعاملون بشكل مباشر مع العملاء، تعليق أو إبطاء وتيرة تعيين موظفين جدد لوظائف الحسابات والكتبة، مع استمرار بعض الوظائف الخالية دون تعيين موظفين لها، بحسب كريشنا. في الوقت نفسه ستواصل الشركة التوظيف في مجال تطوير البرمجيات والمجالات التي تتعامل مباشرة مع العملاء.

الأمم المتحدة تصرخ

من جهته قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العلماء والخبراء دعوا للتحرك، وأعلنوا أن الذكاء الاصطناعي تهديد وجودي للبشرية، لا يقل عن الحرب النووية، مؤكدا “يجب أن نأخذ تلك التحذيرات بجدية بالغة”. وأشار -في مؤتمر صحفي- إلى أن التهديد العالمي الذي يشكله الذكاء الاصطناعي يتطلب عملا عالميا واضحا ومنسقا، مؤكدا أن هناك إمكانات هائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، لكن من الواضح أن هناك مشاكل خطيرة أيضا، تتمثل في إمكانية إلغاء قرار البشر. وأيّد المسؤول الأممي فكرة إنشاء وكالة دولية معنية بالذكاء الاصطناعي، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأضاف أن التكنولوجيا الجديدة تتحرك بسرعة هائلة، وكذلك التهديدات التي تأتي معها، معتبرا أن أجراس الإنذار حول أحدث أشكالها -وهو الذكاء الاصطناعي التوليدي- تصم الآذان، وقال إنها أعلى صوتا من المطورين الذين صمموها. كما تحدث الأمين العام عن خطاب الكراهية على منصات التواصل الاجتماعي وعن كيفية مواجهته، وقال إن العالم يجب أن يواجه “الضرر الدولي البالغ” الناجم عن تفشي الكراهية والأكاذيب عبر الفضاء الرقمي. وذكر غوتيريش أن القلق بشأن التهديد -الذي يشكله التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي التوليدي- يجب ألا يغيِّب الضرر الذي سببته التقنيات الرقمية التي تُمكِّن من نشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والمغلوطة.

وقال أيضا إن المنصات الرقمية يساء استخدامها لتخريب العلم ونشر المعلومات المضللة والكراهية لمليارات الأشخاص، وإذكاء الصراع وتهديد الديمقراطية وحقوق الإنسان والإضرار بالصحة العامة وتقويض الجهود المناخية. وأوضح الأمين العام الأممي أن مواجهة هذا التهديد الدولي الحاضر والجلي تتطلب عملا دوليا منسقا كي يكون الفضاء الرقمي أكثر أمنا وشمولا، ومن أجل حماية حقوق الإنسان.

 

Related posts

البرلمان يصادق على تمديد مهمة الجيش بليبيا عامين إضافيين

Wa Lid

أمريكا: قتلى وجرحى بإطلاق نار داخل حرم جامعة ميشيغن

سنية خميسي

قديروف لمواطنيه: “احلقوا لحاكم أو اذهبوا للقتال في أوكرانيا”

mahmoud