اعتبر الرئيس التنفيذي لمؤسسة سيدة الأرض، كمال الحسيني، في حديثه لـ ”قبل الأولى”، أن ‘القوة الناعمة” التي تعني القدرة على جذب واستمالة وإقناع الآخر بأمر ما كبديلٍ عن استخدام الإكراه، هي قوة لا يُستهان بها لقدرتها على تغيير المعادلة وبالتالي تعزيز قدرة ”سيدة الأرض” على عكس صورة حضارية عن كل الشعب الفلسطيني وخاصة منهم الموجودين داخل حدود أراضيها.
وتجسد المؤسسة حقبتين من زمن الاحتلال الصهيوني للدولة الفلسطينية وأول مراحلها كان سنة 1948 وهي ”النكبة” التي تلتها ”النكسة” سنة 1967 ولا يُمكن الحديث عن تاريخ نضال هذا الشعب دون الرجوع إلى سنة 1948 ” النكبة الفلسطينية” وهو العام الذي هُجرت فيه نحو 530 قرية فلسطينية وطُرد خلاله ما يعادل 650 ألف نسمة من بيوتهم وأراضيهم ووطنهم ليتحولوا بعد ذلك إلى لاجئين، ومن بين القرى التي هجرت والتي ذكرها محدثنا “الجليل” و “الناصرة” و “حيفا” و “عكا” و “صفد” لصالح إقامة الكيان الصهيوني ومثلت هذه الحادثة التي جاءت غداة الانطلاق في عملية التطهير العرقي خلال سنة 1947، ”لطمة كبيرة في وجوه جميع العرب، وفق تعبيره.
وتلت “النكبة” حادثة أخرى أشد قسوة وهي حرب 1967 ” النكسة” التي تُعرف كذلك بـ”نكسة حزيران” وهي عبارة عن تهجير آخر واحتلال للقدس، وهو ما اعتبره الرئيس التنفيذي لمؤسسة سيدة الأرض سقوطا لكل العالم، قائلا: ”عندما سقطت القدس سقط معها كل العرب باعتبار أن من يحكم القدس هو من يحكم العالم”.
كما حاولت مؤسسة “سيدة الأرض” في هذا الصدد تسليط الضوء على هذا التاريخ المحاط بالمخاطر وروح المقاومة وكذلك تجسيد المعاناة التي عاشتها الدولة الفلسطينية وقراها المهجرة وشعبها الذي مازال يقاوم بكل ما أوتي من قوة، لتقديم درس للعالم عن تمسك هؤلاء الفلسطينيين، الذين ارتفع عددهم من 120 ألف إلى 2 مليون نسمة، بعروبتهم وذاكرتهم الوطنية وارثهم الحضاري من عادات وتقاليد، ولم تتهاون ”سيدة الأرض” للحظة عن التطرق إلى جل الأشكال النضالية التي اعتمدها الشعب الفلسطيني بهدف التجذُّر في عمق أراضي وطنه، بعيدا عن أي شكل من أشكال السقوط في مستنقع الصهيونية، حسب ما أكده الكاتب العام لمركز التراث الفلسطيني، كمال الحسيني.
كما أشار محدثنا إلى أن هذا المشهد الراقي الذي يحكي قصة نضال شعب وقع تعتيمه في بعض وسائل الإعلام العربية ليتم تضليل الرأي العام وإفهامه بأن هؤلاء يحملون جوازات سفر إسرائيلي، وأثارت هذه الأخبار التي يقع ترويجها للعموم جدلا واسعا في أوساط العرب عن كيفية التعامل مع هؤلاء، ما دفع مؤسسة “سيدة الأرض”، إلى العمل على إيضاح حقيقة هذا الشعب الذين اعتبرته أصل الحكاية وعنوان الرواية وهو من حافظ على القضية الفلسطينية وبالتالي فإن الحفاظ عليه هو حفاظ على القضية، وفق تقدير محدثنا.
ورغم صعوبة العيش في بوتقة ظلم الكيان الصهيوني وصوت البنادق والرصاص، إلا أن الدولة الفلسطينية استطاعت بصمود شعبها أن تنجب حلة من أبرز وأفضل وأشهر الأطباء والمهندسين ورجال القانون والأدباء والشعراء الذين خدموا الذاكرة والرواية الفلسطينية ليصبحوا روادا في الأدب والشعر و أشهر هؤلاء الشعراء، الفلسطيني المعاصر، سميح القاسم ومحمود درويش وتوفيق أمين زيّاد وتوفيق طوبى ومن أكثر المناطق احتواء لعدد الأطباء في العالم العربي هي المدينة الفلسطينية ” عرابة البطوف” ، التي تقع في منطقة الجليل الأسفل في وادي سخنين.
وتحتفل المؤسسة المذكورة كل عام بـ “يوم الأرض الفلسطيني”، وذلك ترسيخا لتاريخ لن يُمحى من ذاكرة جميع الفلسطينيين وهو تاريخ الانقلاب على المحتل الإسرائيلي وتحديدا يوم 30 مارس 1976، حيث انطلق فيه التظاهر والعصيان المدني من 3 قرى متجاورة وهي سخنين التي تُعد مصدر عز وفخر وكبرياء و عرابي ودير حنا لتعم الاحتجاجات كامل أنحاء البلاد آن ذاك، لتمثل بذلك انتفاضة 1988- 1987 امتدادا ليوم الأرض.
وتمثل “سيدة الأرض” مرآة للصورة الحقيقية لفلسطين وحياة شعبها وللقرى التي وقع تهجيرها منذ “النكبة” وبالتالي جعل أولوياتها خدمة الشعب الفلسطيني وهذا ما نستشفه بوضوح كبير من خلال المبادرات التي تقوم بها والتي تصب في مجملها في مصلحة القضية الفلسطينية.
ومن أبرز مبادرات ”سيدة الأرض” هو عقدها لمؤتمرها السنوي الخامس عشر تحت شعار ”القدس بوصلة الأحرار”، حضرته شخصيات من تونس ومن بقية دول العالم من فنانيين وإعلاميين وسياسيين، حيث وقع تكريم حلة من الشخصيات العربية الداعمة للقضية الفلسطينية، على غرار الفنانة التونسية، نوال غشام.
وتستعد مؤسسة ”سيدة الأرض”، التي تعد مؤسسة مدنية مستقلة غير ربحية ولا حكومية، للقيام بجولة في أوروبا وأمريكا اللاتينية، إلى جانب تنظيم أيام احتفالية تخص الذاكرة الفلسطينية بغاية تخليد الحضارة والثقافة الفلسطينية أبرزها “يوم الأرض” و “يوم الأسير” و ”عيد الأم” ومبادرة ”سيدة آذار” الذي سيتم تنظيمه في مارس القادم، حيث سيتم تكريم مجموعة من النساء الداعمات للقضية دوليا وعربيا وفلسطينيا و”يوم الشهيد” الذي التأمت فعاليته يوم 9 جانفي الجاري حيث تضمن لمسة وفاء لشهيدة الكلمة الصحفية الفلسطينية، شيرين أبو عاقلة التي راحت ضحية رصاص الكيان الصهيوني، إلى جانب حلة من المبادرات التي تستعد المؤسسة لإطلاقها في الأيام المقبلة في عديد الدول العربية وذلك انطلاقا من دولة فلسطين، على حد قول كمال الحسيني.
سنية خميسي