الممثل حسام الغريبي لـ”قبل-الأولى”: لدينا أزمة في كتابة السيناريو..  و يجب مراجعة التصور العام للدراما التونسية

أكّد الممثل ومدير مركز الفنون الدرامية والركحية بالمهدية حسام الغريبي، أنّ الأعمال الدرامية لهذه السنة حققت نسب مشاهدة ممتازة جدا حيث كانت مختلفة رغم بعض الاشكاليات على حدّ تعبيره…

و في حديث لـ”قبل-الأولى”، قال: “من خلال مشاهدتي للأعمال الدرامية التونسية أودّ أن أحيي التقنيين ومديري التصوير على الصورة الجميلة والاحترافية التي وجدت في هذه الأعمال الدرامية وفعلا أصبح لدينا مديري تصوير من أرقى ما يوجد في تونس على مستوى الصورة.. كما أحيي مبدعا شابا يشق طريقة على مهل وبوعي وبفكر راق جدا على مستوى السيناريو والطرح الفني والدرامي وهو عبد الحميد بوشناق مخرج “كان يا ما كانش” فهو إنسان حماّل فكر وله تصوّر ورؤية مهمة جدا ونحن ننتظر منه الكثير وكذلك نفس الشيء ينطبق على مسلسل “حرقة” فالعمل هو دراما اجتماعية على مستوى السيناريو والحبكة الدرامية والإخراج وإدارة الممثل والخرافة التي هي لبّ العملية الدرامية وهو عمل ممتاز جدا رغم أن هناك ضعف نسبي على مستوى الجزء الأوّل من العمل ولكنه عموما عمل راق جدا وننتظر منه الكثير،  وهكذا نراهن على الإنتاج الوطني وفعلا التلفزة الوطنية حقّقت المنشود والموعود في أن تراهن على المبدعين والمخرجين الشبان برؤية وتصور جديد وطرح جديد…”.

مسلسل “براءة” لم يكن بريئا في طرحه

وأوضح  محدّثنا أنّ لديه تحفظات كبرى على مستوى الطرح الذي قدّم في التلفزة الخاصة “الحوار التونسي” سواء بالنسبة لمسلسل “الفوندو” أو لمسلسل “براءة”، وفي هذا السياق قال: “مع كل احترامي لسوسن الجمني فهي مخرجة راقية جدا ولها إحساس مرهف على مستوى الصورة ولكن العيب الكبير الذي يعاني منه العملين هو ضعف السيناريو وضعف الحبكة الدرامية وعدم الاقتدار على الكتابة الدرامية وكان من الأجدر الالتجاء إلى كاتب سيناريو محترف حيث لدينا كتاب غير معروفين وكتاب قادرين على الكتابة الدرامية المهمة.. أمّا بالنسبة لـ”براءة” فأنا مع حرية الرأي والتعبير وحرية الفكر الذي يقول إن العمل الدرامي يحدث صدمة داخل المجتمع ولكن الموضوع المطروح على مستوى الزواج العرفي وهذه الأطروحات البالية والمترهلة فضّتها دولة الاستقلال والدولة الوطنية ودولة بورقيبة ومجلة الأحوال الشخصية و”براءة” لم يكن بريئا في طرحه بالعكس هو طرح حاول أن يصدم الواقع ولكنه لم يفكك هذا الواقع وهو طرح غير بريء ولا يخدم إلا الرجعية وجعل من المرأة سلعة تباع وتشترى وأهان المرأة التونسية بدرجة كبرى وهذا رأيي ولا أحد يحاول أن يقنعني أن هذا موجود في المجتمع، فالعمل الدرامي بالنسبة إليّ لا يحاكي الواقع ولكنه يساهم في تغييره أي عندما تقدم ايجابيات لهذا الزواج العرفي وهفوات قانونية يمكن أن يتسرب منها هذا الاشكال،  فهذا خطا كبير بالنسبة إلي، ثانيا هناك تشويه لصورة المؤسسة الأمنية ونحن في زمن لولا المؤسستين الأمنية و العسكرية وهما القلب النابض للدفاع عن مدنية الدولة ومقوّمات المجتمع التونسي وكأن ذلك أصبح مقصودا فالسنة الماضية كانت الصدمة من خلال مسلسل” 27 ” الذي ترهلت من خلاله المؤسسة العسكرية وقدمت في صورة فارغة وباهتة ، ثم يأتي مسلسل “براءة” ليكرم زوجة الشهيد بأنها امرأة مختلة عقليا ونفسيا وكذلك تنجب ابنا غير شرعي ولقيط وهذا غير بريء.. في حين عندما نشاهد تلك الوثيقة التاريخية والفيلم الوثائقي الذي يضع النقاط على الحروف في فترة حكم الإخوان والاسلام السياسي في المجتمعات العربية نجد أن مسلسل الاختيار استنهض القوى المعنوية للشعب المصري وجعل من الأمن والمؤسسة العسكرية هي القلب النابض للدفاع عن مقومات المجتمع وكذلك مسلسل” فاتن أمل حربي” للكاتب الكبير إبراهيم عيسى وهو عمل حرّك سواكن المجتمع وزعزع القانون الوضعي حيث نجد أن مجلس الشعب المصري وضع على الطاولة مجلة الأحوال الشخصية وأصبح يناقش قوانين الحضانة وقوانين الزواج والوضعية البالية التي كانت في مصر وهذا هو دور الدراما الحقيقي وهذا فعلها،  فالدراما من خلال الصورة ونحن في زمن الصورة  التي تتسرب إليك دون دعوة منك وأي رسالة أو طرح يمكن أن تمرره من خلال التلفاز ومن خلال الأعمال الدرامية…”.

من حقنا أن نشاهد دراما حقيقية ومهمة وتخدم المجتمع لا تدفعه إلى التخلف

ويعتبر مدير مركز الفنون الدرامية و الركحية بالمهدية، أنّ الأعمال الدرامية هي من أموال المجموعة العمومية وأموال الشعب التونسي لذلك يرى أنّه من حقنا أن نشاهد دراما حقيقية ومهمة وتخدم المجتمع لا تدفعه إلى التخلف وتعود به إلى الوراء من خلال مواضيع فضتها دولة بورقيبة ودولة الاستقلال والدولة الوطنية حسب قوله…

وأضاف: “بالنسبة لقناة التاسعة،  لاحظت أنّ سيناريو سلسلة ” 13 نهج غاربالدي”، فيه حبكة وصورة ممتازة ولكن خذله البناء الدرامي والإيقاع لهذا العمل حيث كان بإمكان  الايقاع أن يكون متسارعا وأن يشد المتفرج أكثر ولكن كان هناك سقوط في رتابة الإيقاع، أتمنى أن تتواصل التجربة لأنها فعلا مهمة حيث أعادت لنا ذلك الزمن وسلسلة “ابحث معنا” مع الراحل عبد المجيد الأكحل وقد لاحظت أن الشعب التونسي يحب الخرافة…”.

وعن مسلسل “حب الملوك” و الجدل الذي أثاره، قال: ” أنا بكل صراحة وبكل دفاع عن صديقي المخرج نصر الدين السهيلي أنتظر منه أكثر من هذا وأعمال أرقى وطرحا أفضل لأنّ له خلفية مهمة وتمنيت لو وظفها في عمل مهم لا عمل مع كل احترامي له لم يشد المتفرج ولم يشدني شخصيا وكان بإمكانه أن يكون أهم…”

وأكّد محدّثنا أنّ هناك نقصا في الأعمال الكوميدية  وأزمة في كتابة السيناريو  مشيرا إلى أنّه يجب مراجعة التصوّر العام للدراما التونسية من خلال فتح ورشات كتابة وكذلك فتح الباب أمام الكتاب الشبان في الجهات…

وختم “الغريبي” حديثه قائلا: “هذه حوصلة الدراما بصراحة، أتصور أننا في الطريق الصحيح ولكن مازالت الطريق طويلة ولازالت الدراما التونسية تحتاج إلى الكثير من المراجعات والوقفات من أجل بناء دراما حقيقية تهدف إلى تغيير المجتمعات وإلى خدمتها وإلى ايقاظ عقل الشعوب…”

ريم حمزة

Related posts

الفيلم التونسي “الشكارة والبحر” يحصد جائزة أفضل فيلم قصير في مهرجان غينت السينمائي الدولي للأفلام القصيرة ببلجيكا

تكريم الصحفي نورالدين بن محمود

Halima Souissi

فيلم “بنات ألفة” يستقطب جمهورا واسعا بمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي