تشهد تونس هذه الأيام فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمعرض تونس الدولي للكتاب، أحد أبرز المواعيد الثقافية في العالم العربي. وقد تحوّل قصر المعارض بالكرم إلى فضاء نابض يلتقي فيه عشّاق الكلمة المكتوبة من مختلف الشرائح العمرية والثقافية.
وكما هو الحال في كل دورة، لم تقتصر المنافسة هذا العام على عرض أحدث الإصدارات وأهم الأعمال الأدبية والفكرية، بل امتدت لتشمل سباقًا إبداعيًا في التسويق، حيث ابتكرت دور النشر أساليب جديدة لجذب الزوار واستقطاب المهتمين بالقراءة إلى أجنحتها.
من بين أبرز الوسائل اللافتة لهذا العام، استخدام اللافتات العملاقة المعلقة من أسقف القاعات، والتي تحمل أسماء دور النشر المعروفة. هذا الأسلوب، الذي تعتمده غالبًا الدور ذات الحضور البارز في الساحة الثقافية أو التي سبق لإصداراتها أن حصدت جوائز أو أثارت جدلًا واسعًا، يوفّر دليلاً بصريًا يسهل على الزائرين العثور على أجنحتهم المفضلة وسط تشعّب الأروقة.
في السياق نفسه، لم تغفل دور النشر عن استثمار منصات التواصل الاجتماعي، حيث لجأت إلى النشر المكثف للمحتوى الترويجي عبر مقاطع الفيديو، والمنشورات التفاعلية، والبث المباشر من قلب المعرض. وتُعد هذه الوسائل فاعلة بشكل خاص في استقطاب فئة الشباب، الذين باتوا يعتمدون على هذه المنصات كمصدر أساسي للمعلومة الثقافية.
واعتمدت بعض الدور أيضًا استراتيجية توقيت الإصدار، إذ أخّرت طرح بعض أعمالها الجديدة لتتزامن مع انطلاق المعرض. هذا التوقيت المدروس يخلق حالة من الترقّب ويثير حماسة القراء لاقتناء النسخ الأولى من الإصدارات، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالروايات المنتظرة.
ولإضفاء طابع أكثر حميمية على تجربة الشراء، نظمت عدة دور نشر جلسات توقيع كتب بحضور مؤلفيها، ما أتاح للقراء فرصة اللقاء المباشر مع الكتاب والحصول على نسخ موقعة تحمل طابعًا شخصيًا. كما شكّلت هذه اللقاءات تذكارًا ثقافيًا يعزز العلاقة بين المؤلف وجمهوره.
ولم تغب الفعاليات الثقافية المصاحبة عن أجنحة المعرض، حيث نظمت محاضرات وندوات فكرية حول موضوعات ترتبط بالإصدارات المعروضة، مما أتاح للزوار التفاعل مع الكتاب والمفكرين ومناقشة مضامين الكتب في أجواء من الحوار والانفتاح.