أصدر المسرحي الفاضل الجعايبي بيانا حول منع مسرحيّة “آخر البحر” من مهرجان الحمّامات الدّولي 2024 كشف فيه عددا من الحقائق:
وفي ما يلي نص البيان:
”في الوقت الّذي يسحب فيه مدير المهرجان الدّولي للحمّامات مسرحيّة “آخر البحر” بعد برمجتها, والتّعلّل بأسباب متضاربة متناقضة.
في الوقت الّذي يهبّ فيه فنّانون ونقّاد ومتفرّجون مندّدين بعودة الرّقابة ومدافعين على حرّية التّعبير.
في الوقت الّذي يختار فيه منتج العمل وموزّعه المدير العام للمسرح الوطني الصّمت باسم واجب التّحفّظ
وفي الوقت الّذي لم تحرّك فيه سلطة الاشراف ساكنا.
وفي الوقت الّذي كنت آمل كعادتي, مع كلّ عمل جديد, أن أضع مع مجموعة الممثّلات والممثّلين والتّقنيّين, الّلمسات الأخيرة في تحضير جولة العروض الصّيفيّة, أراني مضطرّا لتنوير الرّأي العام وإعلامه بحقيقة ما حدث والتّنديد بهذه المهزلة.
أوّلا: بعد قبول الّلجنة المكلّفة بانتقاء واختيار الأعمال المسرحيّة للدّورة 58 لمهرجان الحمّامات, اتّصل بي هاتفيّا المدير الحالي للدّورة وهنّأني ببرمجة “آخر البحر” يوم 18 جويلية 2024 ثمّ تحاور معي حول إستلام الرّكح قبل 48 ساعة من العرض كما هو معمول به في جميع المهرجانات الّتي تفرض علينا تعديل الأضواء بعد غروب الشّمس, وهذا ما جرت عليه العادة منذ السّبعينات.
ثانيا: بعد مدّة, اتّصل مدير المهرجان بمدير المسرح الوطني وطلب منه نصّ المسرحيّة. رفض هذا الأخير, حسب قوله, تزويده بالنّص واقترح عليه الحضور في عرض من عروض المسرحيّة.
ثالثا: حضر مدير المهرجان العرض مصحوبا بمديره الفنّي.
رابعا: اجتمعت في اليوم الموالي مع المدير الفنّي ومعي الطّاقم الفنّي للمسرح الوطني للنّظر في مستلزمات العرض.
خامسا: اتّصل مدير المهرجان بمدير المسرح الوطني وفاجأه بأنّ الظّروف المادّيّة للمهرجان لم تعد تسمح له ببرمجة المسرحيّة, فتنازل مدير المسرح الوطني على الاتّفاق الأوّل وقبل التّخفيض في سعر العرض. أجابه مدير المهرجان بأنّ المشكلة الحقيقية في الواقع هي أنّ النّص يحمل عبارات نابية مخلّة بالأخلاق العامّة فردّ عليه مدير المسرح الوطني بأنّه لا يحقّ له أن ينصّب نفسه رقيبا, وأنّ هذا خطّ أحمر لا يقبل تجاوزه, واقترح عليه أن يتّصل بي إذا أراد التّفاوض في الأمر. هذا ما لم يفعله علما بأنّني لم أقبل في الماضي ولن أقبل النّقاش في هذا الموضوع.
سادسا: نشر المهرجان رزنامته الرّسميّة معوّضا “آخر البحر” بعرض موسيقي.
سابعا: عند إتّصالي بالمدير العام للمسرح الوطني لتذكيره بأنّه المنتج للعمل ومن مهامه الدّفاع عنه, أجابني أنّه اهتزّ لهذه “الصنصرة” وقرّر ارسال تقرير الى الوزير المكلّف بالشّؤون الثّقافيّة يعترض فيه على التّصرّفات الغريبة لمدير المهرجان وتحوّلاتها, ويندّد بالتّلاعب والتّراجع مؤكّدا أنّ السّبب الحقيقي هو تسليط رقابة على عمل فنّي.
ثامنا: الشّيء الّذي دفع بمدير المهرجان باللجوء إلى وسائل الإعلام والتّعلّل بعدم استعداده لبرمجة مسرحيّتين للمسرح الوطني وتفضيله مسرحيّة أخرى تكون مناسبة لتكريم الممثّلة الكبيرة منى نور الدّين. علما بأنّ هذا التّكريم شرف لي ولكلّ الفنّانين والفنّانات ولجميع المعجبين والمحبّين لهذه الممثّلة العريقة فإنّ هذا لا ينفي برمجة عمل ثاني.
وبقيت أنتظر ردّا رسميّا من طرف مدير المسرح الوطني وألححت عليه مرارا على تحمّل مسؤوليّاته فأصرّ على الصّمت متعلّلا بواجب التّحفّظ بل وأضاف في مكالمة تليفونيّة انّ مسألة الرّقابة و”الصّنصرة” لا علم له بهما ولا علاقة لنظيره بالحمّامات بهما وأنّ كلّ ما في الأمر هي تخمينات شخصيّة.
أمام هذا التّلاعب والإزد راء بعمل الفنّانين والمراوغة والتّناقض الفادح في كلّ مراحل هذه القضيّة الملفّقة, والمسؤولين عليها مدير مهرجان الحمّامات ومدير المسرح الوطني فإنّني أستنكر وأندّد شديد التّنديد بصمت سلطة الإشراف في هذه الوضعيّة الخطيرة التّي تأكّد الحالة الرّثّة الّتي باتت عليها ثقافتنا وفنوننا في هذا البلد العزيز.
وللمواجهة بقيّة…
الفاضل الجعايبي