استطاع الفيلم المصري “رفعت عيني للسما” من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير أن يصنع التاريخ بفوز مصر للمرة الأولى بجائزة العين الذهبية لأفضل فيلم تسجيلي بمهرجان كان السينمائي الدولي بدورته 77.
وهو الفيلم الذي نال استقبالا حافلا في عرضه العالمي الأول بمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان، بحضور المخرجين وفريق العمل وبطلات الفيلم من فريق بانوراما برشا، كما حصل على إشادات نقدية محلية وعربية وعالمية.
مقال الناقد الطاهر الشيخاوي حول الفيلم:
أوّل فيلم عربي شاهدته في الدورة 77 لمهرجان كان، عُرض في قسم “أسبوع النقاد”. فيلم وثائقي من مصر بعنوان “رفعت عيني للسما”. فيلم شيّق وجدير فعلا بالاهتمام. وهو أقرب إلى الوثائقي المتجذر في الواقع والحامل لقضية منه إلى الوثائقي الإبداعي، نقول ذلك للتمييز ولا للتقليل من قيمة العمل. لأن موضوعه لا يستدعي المزايدة الشكلانية بل تكمن إضافته في جودة متابعته لواقع الشخصيات.
فريق من الفتيات في قرية برشا من محافظة المنيا ينشطن فرقة مسرحية يتناولن فيها العراقيل التي تعترض سبيل الشابات بسبب التقاليد البالية كالزواج المبكّر وتسلط الرجال على النساء ومعارضتهم لممارسة الفن.
من الواضح أن ندى رياض وأيمن الأمير مخرجي الشريط قضّا وقتا طويلا للتمكن من الاقتراب من الشخصيات وبلوغ هذه النتيجة. متابعة لصيقة لامتعالية، متعددة ومختلفة تراوح بين مشاهد اعداد العروض وانجازها من ناحية ومساراتهن الشخصية، العائلية والعاطفية.
الصعوبة في تناول مثل هذه القضايا تكمن عادة في وضع الأحكام المسبقة والقناعة الشخصية قبل وفوق كلّ شيء وحذف أشياء مهمّة خوفا من الخطر الذي قد تشكله على صحّة تلك الأحكام، كما نشاهده في العديد من الأعمال هنا وهنالك.
الطريف في الشريط هو إعطاء المساحة اللازمة لما ينتاب الشخصيات من ريبة وشك وأخذ وردّ بين الطموح الشخصي والانعتاق والتسليم بوطأة الواقع. ما يجعل قصّة الشخصيات عالما مصغرا في قرية بسيطة لمجتمع بأسره تشقه تناقضات عدّة ثقافية واجتماعية ونفسية بين الشدّ إلى الوراء والدّفع إلى الأمام. عمل جدير بالاحترام والتنويه.