في الوقت الذي يرفضها مجلس النواب في تونس: استثمارات قطرية في مشروعين بالجزائر اكثر ثلاث مرات مما نطلبه من صندوق النقد الدولي

عادل الطياري

تم يوم الاربعاء 24 أفريل 2024 التوقيع بالجزائر العاصمة على اتفاقية إطارية بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والشركة القطرية “بلدنا” لإقامة مشروع متكامل لإنتاج الحليب المجفف بالجنوب الجزائري خاصة في ولاية أدرار. وتهدف هذه الاتفاقية إلى إنجاز مشروع منظومة فلاحية صناعية متكاملة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب المجفف ومشتقاته عن طريق الشراكة بين “بلدنا” القطرية والدولة الجزائرية ممثلة في الصندوق الوطني للاستثمار.

  • ويتربع هذا المشروع على مساحة إجمالية قدرها 117 ألف هكتار مكونة من ثلاثة أقطاب يحتوي كل منها على مزرعة لإنتاج الحبوب والأعلاف ومزرعة لتربية الأبقار وإنتاج الحليب واللحوم ومصنع لإنتاج مسحوق الحليب. وبلغت قيمة الاستثمارات القطرية في هذا المشروع مبلغ3,5 مليار دولار أي اكثر بقرابة مرتين من القرض الذي جف ريق بلادنا وهي تركض لنيله من صندوق لنقد الدولي.
    وسيسمح المشروع بإنتاج 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية للجزائر من مسحوق الحليب محليا إضافة إلى تزويد السوق المحلية باللحوم الحمراء والمساهمة في رفع عدد رؤوس القطيع الوطني من الأبقار وفوق ذلك سيوفر المشروع 5 آلاف موطن شغل مباشر.
    وقد استفاد مشروع “بلدنا” لإنتاج مسحوق الحليب من تحفيزات من جانب العقار والمرافقة والتمويل إلى جانب مزايا أخرى يوفرها قانون 22-18 المتعلق بالاستثمار, فضلا عن التسهيلات الإضافية التي أقرتها الدولة مؤخرا لفائدة كبار المتعاملين الراغبين في الاستثمار في المجال الفلاحي بالولايات الجنوبية.
    عند التوقيع على هذا المشروع المهم حصل الاجماع في الجزائر الشقيقة على انه يمثل أحد أهم المشاريع الاستراتيجية في القطاع الفلاحي بالجزائر وأنه يندرج في إطار استراتيجية الدولة لتعزيز الأمن الغذائي في البلاد كما تم التأكيد على أنه يعد نموذجا حقيقيا لتجسيد السياسة الاستثمارية المعتمدة من طرف الجزائر في المجال الفلاحي وتحدث الجميع عما سيوفره من مواطن شغل وما سيحققه المشروع من راحة للمستهلكين عبر توفير مادة اساسية لا غنى عنها اضافة الى ما سيتركه من أثر اقتصادي واجتماعي على الولايات الجنوبية ومساهمته في التقليص بشكل كبير من واردات الجزائر من الحليب وبالتالي توفير العملة الصعبة وايضا اكتساب تكنولوجيات وخبرات حديثة في مجال الفلاحة وإدارة المشاريع.
    الجميع هلل وكبر لهذا المشروع ولم تخرج أي اصوات نشار في الجزائر تسفه هذا المشروع وتعتبره “استعمارا” فلاحيا وتحكما قطريا في انتاج مادة أساسية هي الحليب ومشتقاته ولم يتم خلط السياسة بالاقتصاد بطريقة فجة كما يحدث عندنا كلما تعلق الامر باستثمارات قطرية في بلادنا .. لم يعطل احد المشروع ولم نسمع أي شقشقة لفظية كالتي نسمعها عندنا عن تمليك القطريين للأراضي الفلاحية وكأنهم حين يقررون إيقاف استثماراتهم سيحملون الأرض في حقيبة ويركبونها الطائرة أو السفينة.
    هذا المشروع المهم للحليب في الجزائر يضاف إلى مشروع الفولاذ ببلارة من ولاية جيجل البالغة استثماراته مستوى 2 مليار دولار أي ان المشروعان قيمتهما معا 5,5 مليار دولار اضافة الى ما سيوفرانه من مواطن شغل وحركية اقتصادية وانهاء للتوريد لهاتين المادتين المهمتين بل من المؤكد ان المشروعان سيتحولان الى رافعتين مهمتين للصادرات الجزائرية خاصة الى دول افريقيا جنوب الصحراء وسيزيدان في انعاش خزينة الشقيقة الجزائر من النقد الاجنبي بل ان مصنع الفولاذ صدر في العام الماضي ما مجموعه 700 ألف طن الى 30 دولة عبر العالم ووفر للاستهلاك الجزائري مليون طن من الحديد والصلب كانت الشقيقة تستورد نسبة مهمة منها لتغطية الاحتياجات المحلية فكفاها الله شر التوريد وانفاق العملة الصعبة بفضل نعمة العقل التي اسبغها على “نخبة” هذا البلد فلا يضعون مصلحة بلادهم في مهب الصراعات الايديولوجية ولا تحت حسابات الاجندات المريبة خدمة لهؤلاء او اولئك خاصة من الدول التي تحرك بيادقها في تونس رغبة في استغلال وضعيتها المالية لتنال فيها ما تريد من الاستثمارات دون ان تدفع مليما واحدا لخزينة الدولة تماما كما هو حال مشروع مدينة بوخاطر او سما دبي او غيرها من المشاريع من دول تريد التعامل مع تونس بمنطق الاستعلاء والنهب وبمنطق “داخلة في الربح خارجة من الخسارة”.
    مشروعان بقيمة 5,5 مليار دولار والرقم سيتضخم في اطار العزم على توسيع المشروعين اكثر فاكثر .. 5,5 مليار دولار تمويلات مع الاف مواطن الشغل مع صادرات ستوفر مليارات اخرى من الدولارات لان الجزائر لها نخبة تحترم بلدها وتعلي مصلحتها وليس كما هو حالنا نسعى جاهدين الى “وضع اصابعنا في اعيننا” خدمة لحسابات ما انزل الله بها من سلطان فيقوم نوابنا الكرام باسقاط اتفاقية المقر لصندوق قطر للتنمية بتونس رغم انها مقدمة من رئاسة الجمهورية وقام الوزراء المعنيون بها بتفسير الامر سواء في الجلسة العامة في البرلمان او في اللجنة البرلمانية المختصة بالتأكيد أن اتفاقيات المقر ليست بجديدة على تونس وأن هناك اتفاقيات سارية المفعول تفوق الامتيازات المضمنة بها الامتيازات الواردة في مشروع قانون اتفاقية مقر صندوق قطر للتنمية وانه لا يختلف في شيء عن اتفاقيات مقر سابقة صادقت عليها تونس مثل تلك الممضاة مع البنك الأفريقي للتنمية او المبرمة مع وكالة التنمية الفرنسية او الوكالة اليابانية للتعاون الدولي أو الوكالة الألمانية للتنمية الا ان النواب الكرام الذين اسقطوا الاتفاقية لم ينظروا الى كل ذلك ولا الى ما وفره صندوق قطر للتنمية منذ شروعه في العمل بتونس عام 2021 من “حسنات” للاقتصاد التونسي حين وفر 350 مليون دولار تمويلات لمشاريع للباعثين الشبان كما ساهم بمبلغ بقيمة 29 مليون دولار لبناء مدينة عمر المختار السكنية بمنطقة السيجومي لذوي الدخل المحدود، ومول مشروع منصة الإنتاج الفلاحي بسيدي بوزيد بمبلغ بقيمة 15 مليون دولار ومول بناء القرية الحرفية بتوزر باعتمادات بلغت 2,250 مليون دينار و لم ينظروا الى أنشطة الصندوق أسهمت في توفير أكثر من 70 ألف فرصة عمل في قطاعات التكنولوجيا والفلاحة والسكن الاجتماعي والصحة والتعليم والسياحة وريادة الأعمال. ولم يلقوا بالا عند رفضهم للاتفاقية الى أنه من بين المشاريع المهمة المتفق عليها بين تونس والصندوق بناء وتجهيز مستشفى للأطفال متعدد الاختصاصات بولاية منوبة وتحديدا بمعتمدية طبربة لينهي معاناة الاطفال وعائلاتهم مع المتاعب التي يجدونها في المستشفى المختص الموجود باب سعدون والذي “اكل عليه الدهر وشرب” سواء من حيث البناية او سعتها او تجهيزاتها. كل ذلك لم يرف له جفن نائب من النواب الرافضين وفسروا ما اقترفوه في حق البلاد بان الاتفاقية تهدد السيادة الوطنية وكأنهم احرص من رئاسة الجمهورية على سيادة الوطن وانها أي رئاسة الجمهورية حين مررت الاتفاقية الى البرلمان ضربت عرض الحائط بالسيادة الوطنية وان الاتفاقية فيها امتيازات وإعفاءات ستضر المنهج التعليمي – والله احدى النائبات صرحت بذلك – ولا ندري ما علاقة الصندوق بالتربية والتعليم في تونس وقال نائب كريم اخر أنهم لم يرفضوا التصويت بالموافقة على الاتفاقية الا حفاظا منهم على مصداقية رئاستي الجمهورية والحكومة متناسيا ان رئيس الجمهورية هو من مررها الى رئاسة الحكومة وان مجلس وزراء تداول فيها ولم ير فيها ما يثير القلق فمررها الى البرلمان يعني ان “العزري اقوى من سيدو” وان النواب لهم فائض من الحساسية تجاه السيادة الوطنية اكثر من رئاسة الجمهورية بمختلف مصالحها من التي درست الاتفاقية واكثر من الحكومة بوزرائها ومصالحها التي تداولت حول بنودها واستند ايضا النواب الكرام الى ان الاتفاقية تمكن من امتلاك الأراضي الزراعية بالنسبة للأجانب وهذا أمر خطير جدا .. نعم هكذا .. قالوا ان الصندوق سيمتلك اراضي فلاحية في تونس متناسين انه ليس جهة استثمارية مباشرة بل مجرد ممول لمستثمرين تونسيين وحتى ان سلمنا جدلا بصحة هذا المستند وهو غير قائم اصلا في الاتفاقية فهل ان القطريين حين امتلكوا 117 الف هكتار في الجزائر لاقامة مصنع الحليب يعني ان هذه الارض خرجت من سيطرة الدولة الجزائرية وهل ان النواب الكرام في تونس احرص على السيادة من الاشقاء الجزائريين .. يا والله عجب ..
    لم ير النواب أن الاتفاقية من خلال التمويلات المرصودة بالصندوق، ستساهم في تحريك عجلة التنمية خاصة في المناطق الداخلية والأحياء الشعبية المهمشة، وستساعد في إحداث مواطن شغل للشباب التونسي المعطل عن العمل خاصة من أصحاب الشهائد العليا ولم ير النواب ومن ساندهم في الرفض من النخب المريضة أن عدد الاتفاقيات المبرمة بين تونس وقطر منذ ان اقاموا بينهما علاقات ديبلوماسية قبل اكثر من 50 عاما ، قد بلغ اكثر من 88 اتفاقية تغطي جميع المجالات التنموية ينتفع بها كل التونسيين ما جعلها أول مستثمر عربي في بلادنا والثاني عالميا وان الاتفاقيات الاستثمارية محل تنافس بين الدول والجميع يرغب في استقطاب قطر او أي دولة تريد الاستثمار لان ذلك لا يمس من السيادة الوطنية ومن استقلالية القرار وان ما قد يشكل خطر على الاستقلالية والسيادة حقا هو عجز الدولة عن تحفيز الاستثمار مع ما يتبع ذلك من عجز عن الحد من نسب البطالة مع ما يخلقه من عدم استقرار سينفر من بقي من المستثمرين لدينا ..
    ان ما يضر بالسيادة فعلا هو عدم تقوية نسق النشاط الاقتصادي والاستثماري بالبلاد مع ما يتبع ذلك من جمود في النمو وفشل في صنع الثروة والذي سيؤدي بدوره الى اللجوء الى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيره من المؤسسات المالية العالمية التي تضع السكين على رقبة أي دولة تكون في حاجة ماسة اليها دون سواها بعد ان فعلت بها نخبتها ما لا يفعله العدو بعدوه فقط تنفيذا لاجندات مريبة وتصفية لمعارك لا ناقة لتونس فيها ولا جمل.
    آه نسيت قطر ستبني مستشفى في الجزائر في منطقة سيدي عبد الله بالجزائر العاصمة على مساحة 100 الف متر مربع بسعة 400 سرير وفيها 20 قاعة عمليات من احدث طراز وفيه ايضا مساهمة المانية ..
    شكرا نوابنا المحترمين ودامت نخبنا في خدمة الوطن واعلاء سيادته دائما وأبدا !!

Related posts

محكمة الاستئناف بسوسة تحدد موعد للنظر في ملف مهدي بن غربية والنفايات الإيطالية

root

متجاوزة النص القانوني المنظم لعملها: لجنة التحاليل المالية رأس الحربة الخطير في يد اللوبيات

root

رئيس غرفة تجار المواد الغذائية يدعو للتثبت قبل اتهام التجار بالاحتكار

root