تحيي وزارة الشؤون الثقافية شهر التراث في دورته 33 تحت شعار “تراثنا ..رؤية تتطور.. تشريعات تواكب” في الفترة الممتدة بين 18 أفريل و 18 ماي 2024 والتي تتوافق مع اليوم العالمي للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية واليوم العالمي للمتاحف، حيث يكون حفل الافتتاح بالموقع الأثري بسبيطلة، أما حفل الاختتام ففي المتحف الأثري والاثنوغرافي بالمكنين.
وتسعى وزارة الشؤون الثقافية من خلال فعاليات هذه التظاهرة التي ستبرمج بكافة جهات البلاد الى التفكير في سبل تطوير قطاع التراث إضافة إلى احياء وتثمين المخزون التراثي المحلي والجهوي.
وقد سجلت الوزارة نقلة نوعية في الدورات السابقة لشهر التراث من خلال اقتراح محاور تواكب آخر التطلعات والأهداف الإستراتيجية على المستويين الوطني والدولي لمزيد تحسين مردودية التراث الوطني بين مختلف القطاعات ليصبح قطاعا واعدا وحيويا خالقا للثروة.
من هذا المنطلق أصبحت تظاهرة شهر التراث لا فقط مناسبة ثقافية هدفها الرئيسي إحياء التراث وتثمينه بل خيارا استراتيجيا للتقييم وضبط السياسات في مجال التراث.
ففي عالم يشهد تطورا سريعا، وبوتيرة لم تعهدها البشرية من قبل، خصوصا في الجوانب التكنولوجية والمعلوماتية والرقمية، وفي ظل بروز رؤى ومقاربات جديدة تجاوزت النظرة الضيقة للتراث بأشكاله المختلفة، المادي وغير المادي والطبيعي، لترفع من شأنه واعتباره عنصرا أساسيا في نحت هوية الشعوب وما رافق ذلك من العمليات النوعية في الصيانة والترميم والحفظ والعرض والبحث والرقمنة والتثمين جعلت منه رهانا جديا ذو طاقة تشغيلية عالية وليصبح دعامة من دعائم الاقتصادات الوطنية ذات المردودية العالية التي تساهم بشكل جلي في رفع مستوى الناتج الداخلي الخام ودفع عجلة التنمية المستدامة.
وإزاء كل ذلك ورغم ثراء المخزون التراثي الوطني وتنوعه والذي تم تسجيل بعضه على لوائح التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والذي طبع جانبا كبيرا من ذاكرتنا الجماعية ونحت معالم هويتنا، فإنه لم يثمن أو يستثمر بالشكل الكافي ليصبح مكونا أساسيا من الدورة الاقتصادية وحلا من الحلول الممكنة لمعضلة التنمية في العديد من الجهات.
كل ذلك يدفعنا ضرورة إلى تعميق الحوار في الشأن التراثي بمشاركة كل الأطراف المتدخلة انطلاقا من المؤسسات الثقافية والجمعيات والمؤسسات الجامعية ومراكز البحوث الأكاديمية ووسائل الإعلام لتشكل إطارا لتبادل الأفكار ومراجعة التشريعات والقوانين ذات الصلة بهذا القطاع الحيوي واقتراح البدائل الممكنة لبلورة رؤية جديدة تضبط أولوياته بما يمكن من المحافظة على هذا الإرث الثري ونقله الى الأجيال القادمة واحيائه وتثمينه بما يدعم القدرات الذاتية والمساهمة في دفع عجلة التنمية المستدامة.
وستشكل التظاهرات المبرمجة فرصة لإمعان النظر في الإطار القانوني الذي ينظم التعامل مع ثراء التراث الوطني بما يراعي تطور المعايير الدولية المرتبطة بحمايته وترميمه وتأهيله ورد الاعتبار إليه بالتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها لتوفير أرضية قانونية متلائمة مع مختلف أشكال حمايته وصيانته وتثمينه.