طالما كان الفنّ مرادفا للخير و للسلام، وطالما كان المسرح انتصارا للمواطن و للإنسان… في هذا الإطار استقبلت مؤسسة المسرح الوطني التونسي مجموعة من الأطفال الجانحين المودعين بمراكز الإصلاح وثلة من أطفال قرى “آس و آس” لمشاهدة عرض “كتاب علاء الدين” في حدث فنّي وإنساني استثنائي.
تحت شعار “أطفالنا آمالنا ” تندرج هذه المبادرة لإنسانية وفقا للمدير العام لمؤسسة المسرح الوطني التونسي معز مرابط في سياق تكريس المبدأ الدستوري الذي يضمن حق الجميع في الثقافة مما يستدعي الانفتاح على جمهور الجهات وسكان الهامش والشرائح الاجتماعية ذات الخصوصية بما في ذلك الأطفال الفاقدين للسند الذين تحتضنهم “قرى أطفال آس و آس” والأطفال الجانحين في مراكز الإصلاح…
في سابقة من نوعها، شهدت قاعة الفن الرابع بتونس في اليوم الأول للمبادرة، حضور مجموعة من الأطفال المودعين بكل من مراكز الإصلاح بالمروج والمغيرة ومجاز الباب وسيدي الهاني للكوميديا الموسيقية ” كتاب علاء الدين ” رفقة أفراد عائلاتهم تحت إشراف المدير العام لشؤون المودعين سفيان مزغيش وبحضور المدير العام للمسرح الوطني التونسي معز مرابط وثلة من إطارات وزارة الشؤون الثقافية والهيئة العامة للسجون والإصلاح.
وقد أكدت الهيئة العامة للسجون والإصلاح أنّ “مثل هذه الأنشطة الثقافية تندرج في إطار تنفيذ توجهات وزارة العدل الهادفة إلى مزيد تكريس البعد الإصلاحي والإنساني والإحاطة بالأطفال الذين هم في نزاع مع القانون من خلال تجسيد حقهم من متابعة جملة من البرامج التربوية والتعليمية والتكوينية والثقافية حتى يتسنى إعادة إدماجهم بأيسر السبل وإعادتهم إلى محيطهم الأسري والاجتماعي بعيدا عن مظاهر الجنوح”.
في اليوم الثاني من مبادرة “أطفالنا آمالنا “، تجدّد الموعد مع عرض “كتاب علاء الدين” حيث كان الجمهور هذه المرّة هم ثلة من أطفال قرية آس و آس قمرت وأطفال قرية آس وآس سليانة الذين جاؤوا مرفوقين بإطارات “الجمعية التونسية لقرى الأطفال آس وآس” التي يرأسها محمد مقديش.
ولئن اعتاد أطفال قرى آس و آس على مشاهدة العروض السينمائية والمسرحية و المعارض الفنية في إطار الشراكات مع المهرجانات ودور الثقافة سواء داخل القرى أو خارجها، فإنّهم لأوّل مرّة يحلّون ضيوفا على مؤسسة المسرح الوطني التونسي في لفتة اهتمام بالطفولة الهشة والمهددة والفاقدة للسند.
وسبق أن استضاف المسرح الوطني التونسي مؤخرا، أطفال غزّة ومرافقيهم الموجودين في تونس في فترة علاج ونقاهة على إثر العدوان الإسرائيلي الغاشم لمشاهدة الكوميديا الموسيقية “كتاب علاء الدين” إخراج محمد مختار الوزير وإنتاج المسرح الوطني التونسي والمسرح الوطني الشاب.
ويعيد هذا العرض رواية حكاية علاء الدين والمصباح السحري بطريقة معاصرة تجمع على ركح واحد بين الرقص والغناء والتشويق في تجسيد لقصة حب علاء الدين وحبيبته الأميرة التي انتصرت على حقد الوزير وتلاعب الساحر.
غادر ضيوف المسرح الوطني من الأطفال الجانحين المودعين بمراكز الإصلاح ومن أطفال قريتي “آس و آس” قمرت وسليانة بعد أن تعالت ضحكاتهم في أرجاء قاعة الفن الرابع وبعد أن صفقوا بحماس لأبطال “كتاب علاء الدين” الذين نجحوا في إهدائهم لحظات لا تُنسى من المتعة والتسلية والمؤانسة … ليبقى المسرح ركحا للغايات الإنسانية النبيلة !