مشروع “عيشوشة”، هو عبارة عن عرض فني مزدوج، يجمع بين الفيلم و الحفل الموسيقي، من إخراج وتنفيذ المؤلف والموسيقي خليل الهنتاتي؛ وهو تجربة سمعية بصرية غامرة تمزج بين الموسيقى الإلكترونية ومقاطع فيديو تم تصويرها خلال رحلة عبر مناطق مختلفة من البلاد التونسية. ويسعى هذا المشروع الى استكشاف – وإلقاء الضوء على – جوانب متعددة من الموسيقى التقليدية والشعبية التونسية، التي لا تزال قيد الممارسة الى يومنا هذا – من المالوف إلى انشاد الطريقة العيساوية، مرورا بطبّال قرقنة وأشعار وأهازيج طائفة غبنتن بمدنين وأغاني النسوة بالرقاب وأهازيج الركروكي من جبل سمامة وغيرها…
خلال هذا العرض، التي يتخذ شكل العرض الأدائي، سيصاحب خليل الهنتاتي المادة الصوتية (أصوات وغناء وموسيقى) لفيلم وثائقي ويتفاعل معها على المباشر. ويُعدّ هذا الشريط ، الذي سيُعرض على ثلاثة شاشات بهدف الحصول على مشهد بانورامي يغطي 270 درجة ، ثمرة عملية جمع ميداني شملت جزءً – ممثِّلا وإن لم يكن شاملا – من المشهد الموسيقي التونسي بمختلف تعبيراته وأنماطه وألوانه
ويستند العرض إلى تقنية “الألترا سكور”، التي تنطلق من أصوات فيلم لابتداع الموسيقى. وتُعرّف “الألترا سكور” بأنها “كائن صوتي وبصري يُصاغُ انطلاقا من قطع مستمدة من الواقع”. ويتولى خليل الهنتاتي، خلال هذا العرض الحي مرافقة المحتوى الصوتي للفيلم و هرمنتها مما يجعل الموسيقى ترقص على وقع إيقاع الصور. ويقترح خليل الهنتاتي من خلال هذا العرض على الجمهور تجربة موسيقية طريفة تجمع بين الأداء المباشر والصوت والصورة، وسيأخذ خلالها جمهور المشاهدين في رحلة موسيقية مثيرة تُبرز ثراء وتنوع الثقافة الموسيقية في البلاد التونسية.
من هو خليل الهنتاتي، شُهِر “إيبي”؟
خليل الهنتاتي، شُهِر “إيبي”، وهو مُنتج موسيقي وعازف لعدة آلات مقيم في ليون. وهو يسعى، منذ ما لا يقل عن العشر سنوات إلى تجريب وتقديم مقاربات جماليات مختلفة، مراوحا بين الموسيقى الإلكترونية لشمال إفريقيا ومقاربة إيقاعية لا تعرف التنازلات.
تلقى خليل في بداية مسيرته الموسيقية تدريبا في الموسيقى العربية المتقنة (الكلاسيكية) وفي موسيقى الجاز، غير أنه سرعان ما بدت عليه ميُولات لاستكشاف أغوار وأسرار الموسيقات الشعبية والتقليدية من جميع أنحاء العالم، ولعل والده، المحافظ السابق لقصر النجمة الزهراء والذي عمل بالخزينة الوطنية للتسجيلات الصوتية بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية بسيدي بوسعيد، شمال تونس، ساعده في هذا التوجه.
وتحفل المسيرة الفنية لخليل الهنتاتي بعدد من المشاريع الفنية التي أنجزها منفردا أو بالتعاون مع فنانين آخرين. وقد راوح في هذه المشاريع بين موسيقى الكلوب (النادي) وموسيقى البوب والروك منتقلا من نمط الى آخر بكل أريحية . ومن ضمن هذه المشاريع مشروع “ضمّا” وهو في لون “تري هوب” (2014/2019، صدر عن دار”غام كلوب سوني”) و مشروع “فريقيا”، الذي يتميز بإيقاعات متعددة ملونة بموسيقى الباس الشمال إفريقية، والذي أنجزه بالاشتراك مع عازف الإيقاع التونسي الماهر عماد العليبي (2020 ، صدر عن دار “شوكة”)، ومشروع “عيطة مون آمور”، الذي أنجزه مع المغنية المغربية وداد مجمّع. وتُعدّ هذه الأخيرة واحدة من أولى مغنيّات الرّاب في المنطقة المغاربية.
وما فتئ خليل ‘ايبى’، الذي تشبّع بهذا التنوع والانتقائية، يسعى إلى دفع تجربة التهجين والمزج إلى أبعد مدى ، سواء على الركح أو في الاستوديو، إلى جانب فنانين آخرين مثل دينا عبد الواحد (وخاصة خلال جولتها الأخيرة بعرض “جبل الرصاص” لعام 2023) ومجموعة “نردستان” ومجموعة “عرب ستازي” و”عمار 808″، بالإضافة إلى تجربته في تأليف الموسيقى لفائدة عرض للرقص المعاصر و مشروع أوبيرالي.
في عام 2019،استلم ‘إيبي’ مقاليد الإدارة الفنية لدار” شُوكة”، وهي شركة إنتاج موسيقي تونسية- ليونية تأسست في عام 2013 على أيدي أمين مطاحني ونسيم. وسرعان ما اكتسبت هذه العلامة الموسيقية المستقلة والمبتكرة مكانة مرموقة هيئتها للعب دور رئيسي في تطوّر السّاحة الفنيّة العربية والشّمال إفريقية المعاصرة. وقد سخّرت “شوكة” جهودها لدعم مجموعة من الفنّانين والفنانات الذين /اللائي تجمع بينهم/هنّ مقاربة معاصرة في إعادة تصوّر وصياغة الموروث الموسيقي التقليدي والشعبي في المنطقة العربية.
و يُطلق خليل ‘إيبي’ خلال سنة 2023 مشروعه الشّخصي الجديد “عيشوشة”؛ و هو عبارة عن عرض غامر بالصوت والصورة يجمع، بالاعتماد على تقنية “الألترا سُكُور”، بين العرض الحي الإلكتروني/الأكوستيكي وتقنيات العرض على شاشة بانورامية متكونة من ثلاث عناصر تغطّي زاوية 270 درجة، لفيلم وثائقي أنجزه خلال رحلة عبر البلاد التونسية لاستكشاف الموسيقى التقليدية، التي لا تزال قيد الممارسة إلى يومنا هذا.
خليل ‘إيبي’ فنانٌ مُفرد في صيغة الجمع، ما فتئ يستكشف بكثير من الفضول المجالات التي تشد اهتمامه. وهو يسعى إلى مزيد ترسيخ قدميه على ضفتي البحر الأبيض المتوسط، باعتباره أحد الفاعلين المؤمنين بالحوار بين الثقافات، وذلك من خلال مؤلفاته الموسيقية ومشاريعه المشتركة مع غيره من الفنانين ومن خلال صوره عندما يقف خلف الكاميرا.