تتواصل سهرات الأنس بدقة مع الفنانة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية سعاد ماسّي التي تعود بعد سنوات من الغياب عن الأركاح التونسية (آخر زيارة كانت ضمن مهرجان الحمامات الدولي عام 2019)، لتلاقي جمهورا قدم من العاصمة ومن جهات أخرى زيادة عن جمهور دقة.
المسرح الذي تزيّن بجمهور متعطش لأغاني الفنانة الملتزمة بقضايا الإنسان بوجه عام تلقّف كل ما جادت به سعاد كما يتلقف حبيب باقة ورد أرسلت بها حبيبته، ليكون اللقاء على امتداد ما يناهز الساعتين أشبه بأحلام الفتى الهائم بالحب والانتظار.
منذ الأغنية الأولى “ارسملي بلاد” شدت الفنانة انتباه جمهورها وجعلته يتابع الأداء والألحان فضلا عن الكلمات التي تقول بعض أبياتها:
“ارسم لي دار بتواقي كبار باش رحمة ربي تدخل القلب
ارسم لي طير كطير الحر اللي حتى واحد ما كسب
ارسم لي طريق في وسط غابة شفت الدابة تمشي في الغنم
و الراعي دايرين بها الدياببة هذا يغمس و هذا يسلم
البارح شفتك في المنام و برنس جدي فوق كتافك
كل جهة داير بك الحمام و كلمة الحق خارجة من فمك”
وهذه الأغنية هي أول الأغاني التي أطلقتها للجمهور ضمن البومها الأخير “سيكوانا” الذي يضم 11 أغنية وتم الإعلان عنه في أكتوبر الماضي.
تعبر هذه الفنانة من خلال “ارسملي بلاد” عن معاناة المنفى والهروب من الوطن عبر مأساة هروب سكان كابول ومحاولاتهم الصعود للطائرات عند عودة طالبان لحكم البلاد، كما تحمل الأغنية ذكريات ماسي المفقودة عن طفولتها ونشأتها بلادها الجزائر، كل ذلك عبر صوتها الحالم الذي يرسم الكلمات والصور الشعرية لتستحيل قصصا يراها الجمهور رأي العين.
وتقدم سعاد ماسي في ألبومها الجديد “سيكوانا” مقترحات جمالية وموسيقية متنوعة بين الروك و”الكاونتري” والموسيقى الصحراوية.
و”سِكوانا” هو ألبوم يحتوي على 11 أغنية، منها 9 كتبتها ولحنتها سعاد ماسّي، أغان تروي حكايات عن مرور الزمن وتأثيراته، وتتساءل عما يجب علينا أن نحافظ عليه وما يجب أن ننقله ونورّثه لمن بعدنا:” ألبومي هو حكاية العلاقات الإنسانية، ومعاناة المراهقين اليوم، وضياع المعايير في الأنظمة الشمولية التي تدفع الشعوب لركوب كل أنواع المخاطر في محاولة لمغادرة بلدانها”.
غنت ماسي أغلب السهرة أغان من ألبومها الجديد على غرار أغنية “Une Seule Etoile” وقليلا من أغانيها القديمة على غرار “سلام” واستجابت لإلحاح محبيها وغنت لهم “غير انت”، بعد أن أطربتهم وأرقصتهم على أغان مثل “راوي”، “أمنية”، نوصّيك”…. لتفاجئهم في آخر السهرة بأداء جزء من قصيدة الشاعر أبي الطيب المتنبي “أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم” بلحن جميل وأداء مميز ولغة عربية سليمة النطق.