الندوة الفكرية ” المسارات والأثر ” لأيام قرطاج للفن المعاصر: “مدرسة تونس للفن التشكيلي ” الأرخبيل الذي لا بد أن نرتّب علاقتنا به على نحو جديد…

” مدرسة تونس للفن التشكيلي ” ورغم حضورها الطاغي في التاريخ الثقافي التونسي الحديث عموما والفن التشكيلي خصوصا إلا أنها لم تحض بالقدر الكافي من الاهتمام في التظاهرات والفعاليات العلمية والثقافية… وهو ما حدا بالدورة الثالثة من تظاهرة أيام قرطاج للفن المعاصر أن تفرد المدرسة بندوة فكرية بقاعة مسرح المبدعين الشبان بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي.

وقد دعي لهذه الندوة مجموعة من المختصين وهم الدكاترة حمدي أونينة الأستاذ المختص في علم اجتماع الفن، والدكتور فاتح بن عامر وهو يُدرّس بالمعهد العالي للفنون الجميلة بصفاقس والدكتورة علياء النخلي وهي جامعية تُدرّس تاريخ الفن وأصدرت مؤخرا كتابا حول مائة سنة من الممارسة التشكيلية في تونس.

وكانت السيدة سميرة التركي ترجمان مديرة التظاهرة قد أكدت في مستهل كلمتها الافتتاحية على أهمية التوقف عند منجز مدرسة تونس وقراءته ودراسة حتى نفهم جزء هاما من تاريخ تونس.

الأستاذ حمدي أونينة الذي ترأس الجلسة وأدارها حدد منذ البداية التساؤلات والمحاور الأساسية التي ستتحرك ضمنها المداخلات وهي: هل يمكن اعتبار مدرسة تونس نتاجا لمواكبتها للسياق الثقافي الذي عاصرته؟ والثاني يتعلق بمفهوم الهوية في أعمال مدرسة تونس؟ والثالث هو ماذا تبقى من مدرسة تونس اليوم ضمن التحولات الحاصلة في المجال الفني والمجتمعي؟

حاول أونينة لاحقا  عبر ورقة ألفها باللغة الفرنسية عنونها ” مدرسة تونس المسار والأثر ” أن ينزل مدرسة تونس للفن التشكيلي ضمن السياقات الاجتماعية التي جعلتها تتشكل بتلك الطريقة وتمارس الفن على ذاك النحو، مؤكدا أنه ينظر إلى هذه الجماعة كفاعلين اجتماعيين في مجال ليس بالهين معرّجا على بعض المحطات التاريخية التي عاشتها تونس في تلك الفترة.

أما الباحث والناقد الفني والرسام ” الحبيب بيدة ” وباعتباره من الجيل الذي عاصر رموز جماعة مدرسة تونس وكان صديقا لهم وعرض معهم على غرار الزبير التركي وعبد العزيز القرجي… فكانت مداخلته في شكل شهادة تاريخية حول بعض التفاصيل المتعلقة بهذه الشخصيات والعلاقات التي تجمعهم وحول منتجهم الفني، مفندا أن تكون جماعة مدرسة تونس قد جمعتهم فكرة “التونسة” أو ” الهوية ” أو “علاقتهم بالسلطة في ذلك الوقت” التي ألصقها الباحثون والدارسون برموز المدرسة، مشيرا أن ما كان يجمعهم هو حبهم للفن والمثابرة التي لا تلين نحو الخلق والابداع وتطويع الأفكار رغم الاختلافات التي كانت تظهر في ميولاتهم الفنية والتقنية…

واعترف الحبيب بيدة لجماعة مدرسة تونس بأن فضلا كبيرا يعود اليهم في خلق أجيال مجددة في الفنون التشكيلية من خلال سنوات تدريسهم بمدرسة الفنون الجميلة بتونس أو عبر تبنيهم للشباب الموهوبين وتشريكهم في المعارض الجماعية ومشاريع الديكور وتزويق المؤسسات الوطنية بالجداريات…

أما الأستاذة علياء النخلي فقد أكدت أن زاوية مداخلتها ستجمع  الاجتماعي بالجمالي تحت مظلة الحقيقة التاريخية مشيرة أن النشأة كانت سنة 1935  على يد رسامين إيطاليين يتقدمهم “انطونيو كوربورا” وذلك في إطار صراع الهيمنة على تونس بين الايطاليين والفرنسيين قبل الحرب العالمية الثانية.

وبينت أن جماعة الأربعة المؤسسة لمدرسة تونس هم أساسا  “موس لي في” و”انطونيو كوربورا” و”جيل للوش” و”بيار بوشارل”،  والجامع ما بينهم هم مهنة الفن رغم سوريالية “كوربورا” وانطباعية “بوشارل”… ثم انفتحت على الجميع إلى درجة يمكن أن ننعتها بالكسموبولتانية.

وأشارت النخلي إلى أن التغير الحقيقي الذي طرأ على مدرسة تونس كان مع الاستقلال ومغادرة الأجانب لتونس وانخراط المدرسة في مشروع دولة الاستقلال المتعلق ببناء وطن ، مضيفة أن ذلك فرضته الحتمية التاريخية ولم يكن خيارا من المجموعة…

الأستاذ فاتح بن عامر أشار عبر مداخلته أن جماعة الأربعة في ثلاثينات القرن العشرين  كان هاجسهم الأساسي هو تكوين نقابة ولما لم يتسنّ ذلك تشكلت الجماعة التي تضم “عائلة من المحترفين ” موضحا أنه لما تم إقرار ضريبة الواحد بالمائة طالبت الجماعة بأن يتم استثناء المحترفين من المرور على لجنة الفرز…

كما تطرق إلى الإسناد السياسي الذي تمتعت به جماعة مدرسة تونس للفن التشكيلي موضحا أن اللحظة التاريخية تقتضي أن نعيد تشكيل علاقتنا بمدرسة تونس وموروثها مجملا.

Related posts

قفصة: إنطلاق فعاليات المهرجان المغاربي للفروسية

root

عرض “طريق الكاف” في مهرجان السينما المتوسطية منارات

root

يوم 28 سبتمبر: انطلاق عرض فيلم ” ﭬدحة ” لأنيس الأسود في قاعات السينما التونسية

Rim Hamza