أصدرت الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية مؤلفها السنوي بعنوان “السّن والقانون: مرآتي حدّثيني يا مرآتي” ويطرح هذا المؤلَف اشكالية السن والحقوق من خلال القانون حيث يأتي في الوقت المناسب لإظهار الفئات المستبعدة من بين أولئك الذين هم في الوقت الحاضر أقل ظهورا وصوتا في تونس. اذ نذكر الأطفال من ناحية والاشخاص الذين تجاوزوا سنا معينة، والذين يمثلون جزءا من هذه الأقليات غير المرئية بسبب مركزهم الاجتماعي اذ أنهم لا يمثلون أشخاصا تمارس نشاطا معينا، وثانيا، بسبب ضعف امكانياتهم مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، وعدم قدرتهم على ممارسة أنشطة على أرض الواقع من أجل انتزاع الحقوق وفرض تصور جديد لهم.
في استعراضه لحقوق الأطفال وكبار السن في تونس، يسلط وحيد الفرشيشي الضوء في الفصل المتعلق ب «السن في مرآة القانون” في لفصل الأول، على المكانة المعطاة للشيخوخة في القانون التونسي وعلاقتها بالحريات. مع تقييم لهذا الوضع. لكن أهمية هذا المحور تكمن قبل كل شيء في حقيقة أن المؤلف لا يسرد فقط بطريقة زمنية حقوق الفئات العمرية الضعيفة ولكن أيضا العلوم الاجتماعية التي يمكن للسن أن يجعل منها أكثر تعقيدا.
يطرح وحيد الفرشيشي هذه المسألة من خلال معالجة تناقضات القوانين التي من المفترض أن تحمي من الانتهاكات وتمنح الحقوق، الا انها تسمح بالتمييز من خلال عدد من الاستثناءات. وهكذا، فإنه يختم دراسته باستعراض ملحوظ لأوجه القصور والثغرات، ومصادر الإقصاء، والوصم والتمييز على أساس السن.
وفي تناولها لمسألة حقوق الإنسان للأطفال في الفصل الثاني، لا تأخذ فاطمة السنوسي بعين الاعتبار الضعف النفسي والجسدي الكبير لهذه الفئة العمرية فحسب، بل تؤكد أيضا على ما كان مفقودا منذ قرون: مراعاة شخص الطفل.
ويسلط تحليل فاطمة السنوسي الضوء على موضوع أساسي ألا وهو علم النفس التنموي. وما يقدمه المنهج المعتمد ليس فقط للتعرف على الركائز النفسية لحقوق الطفل، بل يؤدي أيضا إلى ابراز الاختلال في موازين القوى بين الكبار والأطفال.
تهدف حنان الشابي من خلال الفصل الثالث، إلى دراسة ما إذا كانت البرامج المطبقة في تونس لكبار السن تأخذ في الاعتبار حقوق الإنسان الأساسية أم لا، وما إذا كانت الأنظمة الاجتماعية والصحية تلبي احتياجاتهم بصفة فعالة أم لا.
وأخيرا، تتطرق سمية بلحاج في الفصل الرابع، إلى التناقضات الاجتماعية والمجتمعية المتعلقة بوضع كبار السن ورعايتهم، وتداعياتها على المستوى المؤسساتي. ومن خلال تحليلها، يظهر التداخل ضمنيا بين ما هو حميمي وما هو مسموح به في الفضاء العام كما يشير إلى أوجه القصور في رعاية كبار السن في المؤسسات من زاوية نظر موضوعية مع الأخذ بعين الاعتبار ما عاشوه من تجربة بصفة فردية
كما قدمت الجمعية لأول مرة في تونس جائزة أفضل أطروحة دكتوراة حول الحريات الفردية إلى نهى رابح صاحبة أطروحة “حماية الحياة الشخصية في الفضاء السيبراني” وقد تلقت لجنة التحكيم عشر أطروحات تمت مناقشتها بين 2019 و 2022 تناولت في إغلب محاورها القانون والعلوم السياسية وتركبت عضوية هذه اللجنة من كل من الأستاذة سناء بن عاشور (كلية العلوم القانونية، السياسية والاجتماعية بتونس) الأستاذ حمادي الرديسي (كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس) الأستاذة ماجدة مرابط (كلية العلوم القانونية والاقتصادية والتصرف بجندوبة) الأستاذ عبد الرزاق المختار (كلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة)الأستاذة لمياء الناجي (كلية الحقوق بصفاقس).