سعاد ماسّي تطلق ألبومها العاشر: آلهة الماء “سِكوانا” تروي أزهار سعاد

أطلقت الفنانة سعاد ماسّي ألبومها العاشر بعنوان “سِكوانا”، كتتويج جديد لمسيرة حافلة بالمغامرات والنجاحات.

و”سِكوانا” هو ألبوم يحتوي على 11 أغنية، منها 9 كتبتها ولحنتها سعاد ماسّي، أغان تروي حكايات عن مرور الزمن وتأثيراته، وتتساءل عما يجب علينا أن نحافظ عليه وما يجب أن ننقله ونورّثه لمن بعدنا، “ألبومي هو حكاية العلاقات الإنسانية، ومعاناة المراهقين اليوم، وضياع المعايير في الأنظمة الشمولية التي تدفع الشعوب لركوب كل أنواع المخاطر في محاولة لمغادرة بلدانها”.

أثناء كتابتها لـ”سِكوانا” انغمست سعاد في عوالم فريدة، لم يسبقها إليها أحد ربما، أسرار الفراشة متعددة الألوان، والطاووس الذي لا يستطيع العيش وحيدا بعيدا عن بني جنسه، كأنها تبحث عن كنز مفقود أو عن نوتة موسيقية سقطت عن السلم، فتمر في الأثناء بأنماط متنوعة بحسب ما تجود به القريحة وبحسب ما تقودها روح المغامرة التي تسكنها، فمن “الرّوك”، إلى “الكاليبسو” مرورا بالموسيقى الشرقية وأصوات الصحراء الجزائرية تمنحنا سعاد ماسّي رحلة سفر مجانية ودون فيزا نحو أفضل ما في العالم، الموسيقى.

سعاد التي عرفها الجمهور بأدائها للموسيقى الشعبية والتقليدية، راكمت التجارب وأبحرت عبر نسائم موسيقية أخرى حملتها إلى الساحل، الكاراييب، البرازيل حيث قامت في الأثناء بتجديد وتطوير الفريق العامل معها.

دخلت سعاد عهدا جديدا في التسعينات حيث غادرت الجزائر باتجاه فرنسا أين أطلقت جناحيها بحثا عن شمس طفولتها “نورها ونعومتها” لتصدح حنجرتها وتهتف أغانيها ضد الظلم وقهر الشعوب.

حصلت على دعم مجموعة من الفنانين لإنتاج أعمالها على غرار “جاستن أدامس”، رشيد طه وغيرهم لتذهب عميقا في حفرها بحثا عن شخصيتها الفنية كامرأة ملتزمة، متحررة، مواكبة لعصرها، تغني معاركها وتخوض حروبها كما لم يحدث من قبل.

ما يمكن أن يبقى في الذاكرة عن ماسّي، أو بعضه، هو علاقتها بالطبيعة ونظرتها الخاصة لها واستلهامها منها، ليس فقط لأنها جميلة وخلابة وإنما لقدرتها المبهرة على المقاومة، كما تقول سعاد.

على غلاف الألبوم نرى الفنانة وقد وضعت برفق على عينيها أقحوانتين”تملكني إحساس بالضعف والهشاشة، ولم تعد لديّ هذه النظرة القبيحة للطبيعة التي ندمرها”.

بعينان مغمضتان تحت الأزهار “نعيد التواصل مع ما هو أساسي، ويا للمفارقة، إنه شكل من أشكال الإدانة أو السخط في وجه ما نعيشه وما تراه أعيننا”، تضيف سعاد ماسّي.

تنتمي سعاد ماسّي إلى نمط فني عريق وثري، الموسيقى الشعبية والقبائلية التي تشرّبتها منذ الصغر في الجزائر لتنفتح ذائقتها الموسيقية شيئا فشيئا على عالم أرحب على غرار فنانين مثل “Michel Berger”، داليدا، “Bob Dylan”، “Joan Baez”…

تتميز الأغاني التي ستكون باللغتين العربية والفرنسية بكونها صُممت بطريقة تُبرز الثنائيات وربما التضاد حتى، تصميم فرضته الوقائع وخاصة جائحة كورونا، كيف نعيد للعالم نسقه وانسجامه بعد أن غرق في الضباب؟ حيث سيطرت العزلة والانطواء على كل شيء: “لقد أدى فيروس كورونا إلى ظهور مخاوف مدفونة فينا، لطالما كنت أخاف من المجهول ومن كل ما هو غريب” تقول سعاد ماسيّ، ” نخشى كل ما لا نتقنه ولا نتحكم فيه، مخاوف المساء، الهجر، الوحدة”…

كي نتمكن من الإبداع ولكي نضع الكلمات المناسبة لهذه الاضطرابات، يجب عليّ أن أذهب عميقا في داخلي بحثا عن القوة، النسق والمحفّزات”.

تغوص الفنانة في الحنين مع نسمات من الأمل متكئة على الشعر العربي لوصف الحالة التي يمر بها المراهقون وتلك الفترة العمرية الحساسة، فتوظّف أسطورة الآلهة “سيكوانا” التي تحرس منابع المياه العذبة بحسب ما يذكره قدماء شعب الغال، والذاكرة هي ما يمكننا من التقدم، الذاكرة التي تُصنع وتتكون داخل المجموعة ومع العائلة.

رغم تكوينها العلمي (اختصاص هندسة مدنية) فقد شقت طريقا فنيا متميزا بين تيارات موسيقية مختلفة عرفتها الجزائر في السنوات التسعين، من الفلامينكو إلى “Heavy metal” إلى الموسيقى الكلاسيكية الغربية، لتكون سعاد نتاجا لجزائر منفتحة.

سافرت إلى باريس عام 1999 ولم تغادر الجزائر روحها “الجزائر في قلبي أحملها أينما ذهبت، أنا أتغذى من العوالم المتوازية ومنها أستمد قوتي وطاقتي، مثل النبتة”.

أما المنفى فهو شيء آخر، إنه أولئك الذين تسلقوا الطائرات لمغادرة كابول عندما عادت طالبان، من أجلهم كتبت أغنية ‘ارسملي بلاد”، ولأنني لا أستطيع الاشتراك في خطاب الخوف الذي يتعاظم ليخلق بلدا يتم الإشارة فيه بالبنان لكل مختلف، لكل من ليس أبيض اللون.

ورغم وجودنا في عالم فوضوي يخيّم عليه الإنكسار، فإن الأمل لا يمحى ولا يتبدد، إذ تكفي نجمة واحدة لدفعنا نحو التفكير في علاقتنا مع الآخر والتركيز على صلب الموضوع: الحياة ومقاومة قوى الدمار.

رابط أغنية ارسملي بلاد: https://www.youtube.com/watch?v=1Wcoj3Cjkuc

رابط أغنية Une seule étoile: https://www.youtube.com/watch?v=luOdX50FJbY

 

Related posts

المكتبة السينمائية التونسية: عرض 21 فيلما وثائقيا ضمن تظاهرة “الطفرة الوثائقية”

دعوة فناني العالم لتقديم عروض أمام جمهور المونديال

root

افتتاح ملتقى مسرح الهواية “دورة الفنان الراحل الحبيب شبيل”

ريم حمزة