حليمة السويسي-قبل الأولى: تعيش تونس هذه الأيام على وقع العودة المدرسية، هو موعد سنوي تعود معه إشكاليات الوضع التربوي للواجهة من جديد. فرغم أن المسؤولين المتعاقبين على وزارة التربية منذ سنوات يتحدثون عن المدرسة الرقمية وتطوير التدريس وتوفير لوحة رقمية لكل تلميذ لكن الواقع يؤكد أنها مجرد شعارات.
فكيف يمكن الحديث عن مدرسة رقمية وهناك مدارس إلى الآن لازالت تعتمد نظام الفرق في التدريس والذي يتم فيه جمع تلاميذ من مستويات مختلفة للدراسة في نفس القسم، ففي جهة القصرين مثلا هذه السنة 34 مدرسة ابتدائية ستعتمد نظام فرق وفق ما أكده الفرع الجامعي للتعليم الأساسي بالجهة.
وزير التربية حاتم السلاوتي في تصريح لـ 24/24 أقر عدم جدوى نظام الفرق قائلا إنه من غير المقبول اليوم في تونس أن يتم تدريس تلاميذ من مستويات مختلفة في نفس القسم، لكنه يؤكد أن الوزارة مضطرة لاعتماده، ويبرر ذلك بقلة عدد التلاميذ في تلك المدارس.
حيث وضح السلاوتي أن هناك 562مدرسة في تونس عدد تلاميذها أقل من 50 تلميذ وتتوفر فيها قاعتين فقط لهذا تضطر لاعتماد نظام الفرق رغم أن نتائجه سلبية وفق تعبيره.
وأكد وزير التربية أن وزارته بصدد مراجعة خارطتها المدرسية وأعدت استراتيجية ستنطلق في تنفيذها للقطع مع نظام الفرق عبر تجمع التلاميذ في مدرسة واحدة، واعدا بتوفير ظروف ملائمة للتلاميذ من خلال الايواء في المبيتات المدرسة أو توفير النقل و الوجبات الغذائية في المدرسة.
وعود وزير التربية رغم بساطتها لكن الإيفاء بها موضع شك، لاسيما عندما يصرح بنفسه أنه من بين 6134 مؤسسة تربوية قامت الوزارة عبر مساهمة مادية من قبل عديد الأطراف (جمعيات،رئاسة الجمهورية، مجتمع مدني ورجال أعمال) بصيانة فقط 1612 مدرسة وأن 1450 مدرسة لا يتوفر بها الماء الصالح للشراب.
الإشكاليات لا تقتصر فقط على البنية التحتية والامكانيات المادية بل تشمل أيضا النقص في الاطار التربوي حيث تصل نسبة الشغور في بعض الجهات وفق الجامعة العامة للتعليم الأساسي لـ 400مدرس (سوسة مثال) والتي تعهدت الوزارة بسدها عبر الانتدابات وإرجاع 1200مدرس مكلفين بمهام إدارية لقاعات التدريس.
هذه الإشكاليات تعد عوامل منفرة للتلاميذ ولعلها تفسر تزايد عدد المنقطعين عن الدراسة حيث كشف وزير التربية حاتم السلاوتي أن عدد التلاميذ المنقطعين عن الدراسة يبلغ 69 ألف تلميذ أي بحوالي 300 تلميذ يغادرون يوميا، يلجأ 70 بالمائة منهم الى التعليم الخاص و التكوين المهني ، فيما لا يعود 30 بالمائة منهم إلى مقاعد الدراس، فهل ينجح مشروع مدرسة الفرصة الثانية استقطابهم وإعادة تأهيلهم .