“بوليتيكو”: ماكرون بين المطرقة والسندان


الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يواجه مرحلة مقبلة صعبة. ليس هذا غريباً. كل الحكومات الأوروبية في الوضع نفسه تقريباً. لكن ما يميذز ماكرون إلى حد كبير عن نظرائه الأوروبيين هو أنه خرج مؤخراً من انتخابات رئاسية طارحاً طموحات كبيرة لولايته الثانية.
بحسب الباحث في مجموعة أوراسيا مجتبى رحمن، سعى ماكرون الى وضع تشابك الازمات العسكريّة والاقتصادية والمناخية والطاقوية التي تواجه العالم في نمط أبوكاليبتي واحد حين ألقى عدداً من الخطابات الشهر الماضي. قال ماكرون إنّ الحرب في أوكرانيا التي أدّت الى تفاقم المشاكل الاقتصاديّة ومشاكل الطاقة، بالاضافة الى صيف فرنسا الاكثر جفافاً وسخونة منذ ستّين عاماً، كانت جزءاً من “اضطرابات” و”تحوّل كبير”.
وقد حثّ الفرنسيين على ترقب شتاء صعب، يستعدّون فيه لدفع “ثمن الحرّيّة” بحسب ما كتبه رحمن في مجلة “بوليتيكو”. كان ماكرون يردّ جزئيّاً من خلال هذه الخطابات على انتقادات وسائل الاعلام وانتقادات حلفائه على قاعدة أنه يفتقر الى استراتيجيّة واضحة أو رؤيا شاملة لفترة ولايته الثانية. لكنّه كان يمهّد أيضاً الطريق لخريف وشتاء تشحّ خلالهما الطاقة مع ما يستدعي ذلك من احتجاجات أكانت في البرلمان المنقسم بشدّة أو حتى في الشارع. يبدو الآن أنّ المسيرات في الشوارع والإضرابات محتملة ومرجّحة للتصاعد قريباً وذلك مع زيادة المطالبة برفع الأجور في شتّى المجالات وتكثيف اجراءات الدولة ضدّ رفع اسعار الغذاء والوقود. أتى ذلك على الرّغم من تخصيص الحكومة 40 مليار يورو أبقت مستوى التضخّم في فرنسا أقل من المستويات التي شهدها معظم جيرانها. بحسب الكاتب، يواجه ماكرون ورئيسة الوزراء اليزابيث بورن برلماناً معادياً بحيث يقلّ عدد مقاعد نواب حزبهما بـ 39 مقعداً عن الأغلبيّة المطلقة في الجمعيّة الوطنيّة.
قبل العطلة الصيفيّة، تمكّنت الحكومة من كسب دعم الكتلة المتأرجحة المكوّنة من 62 نائباً من يمين الوسط عن حزب “الجمهوريين”. مكّن ذلك بورن من توجيه خطط الانفاق الطارئة ومكافحة التضخّم عبر البرلمان. لكنّ مطالبة النواب بأن يعفوا ناخبيهم من مكافحة التّضخّم شيء، ومطالبة البرلمان المعارض بتمرير موازنة العام المقبل والموافقة على خطط ماكرون الرئيسيّة لرفع سنّ التقاعد وتشديد شروط استحقاقات البطالة، شيء آخر. تعتبر هذه السياسات التي شجبها اليسار واليمين المتطرّف حاسمة خلال ولاية ماكرون الثانية: خفض البطالة وعجز ميزانيّة الدّولة. على الصعيد الإيديولوجي، يؤيد يمين الوسط بشكل عام ما يقترحه ماكرون.
لكن تكتيكياً يخشى العديد من نواب “الجمهوريين” انهيار حظوظهم الانتخابية إذا ساعدوا ماكرون بهذه الإصلاحات غير الشعبية. لهذا، أوضح “الجمهوريون” أنه ينبغي على الحكومة ألا تعتمد على مواصلتهم دعمها هذا الخريف.
وتابع الكاتب أن ماكرون يواجه خياراً لا يحسد عليه السنة المقبلة: إما حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة على أمل تأمين غالبية، أو القبول بطموحات محدودة جداً لولايته الرئاسية الثانية. نادراً ما يكون شتاء من الاستياء أفضل استعداد لحملة انتخابات مبكرة. ولا يعد قضاء أربع سنوات ونصف كبطة عرجاء خياراً مثالياً. الخريف والشتاء يبدوان صعبين جداً لماكرون، كما يبدو الربيع المقبل أسوأ حتى. سيكون على الرئيس أن يختار.

Related posts

موسكو تقول إن باستطاعتها تدمير الناتو في نصف ساعة

root

مجموعة مؤيدة لفلسطين تأبن بوشنل الذي أحرق نفسه تضامنا مع غزة

Wa Lid

سياسي فرنسي: أكاذيب زيلينسكي ستفقده ثقة حلفائه الغربيين ودعمهم

mahmoud