في افتتاح أيام قرطاج الكوريغرافية: “سلام” لعماد جمعة يدق ناقوس الخطر لإنقاذ  كوكب الأرض

صنعت أيام قرطاج الكوريغرافية الحدث واستأثرت بالاهتمام والأضواء في افتتاح دورتها الرابعة مساء السبت 11 جوان 2022. في شوق إلى فن الرقص وتعطش إلى إبداعات  الكوريغرافيا بعد فراق قسري بسبب الكورونا، حضر الجمهور بكثافة وأعداد غفيرة لمواكبة آخر الإنتاجات والاستمتاع ببلاغة الجسد الراقص في القول بلا كلمات قصصا من الحياة والرسم  بلغة الحركات والخطوات أحلاما وأمنيات…

 بتكليف من وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي وبسبب سفرها إلى الأردن للمشاركة في فعاليات “إربد عاصمة للثقافة العربية 2022″، أشرف رئيس الديوان لسعد سعيد على افتتاح الدورة الرابعة لأيام قرطاج الكوريغرافية 2022 بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة.

“البلاستيك” يغتال “سلام”الطبيعة !

صباحا ، مساء،  وفي كل الفضاءات والاتجاهات، يحاصرنا “البلاستيك” ويتحرش بأنظارنا وأقدامنا  في حلنا وترحالنا. وقد التقط الكوريغرافي عماد جمعة هذا المشهد الذي أصبح سمة العصر ليكون منطلقا لعرضه الجديد “سلام” من إنتاج مسرح أوبرا تونس. 

على الركح  تظهر امرأة تلتحف كيسا  بلاستيكيا  فوق  أرض يغطيها البلاستيك كما يغطي كل ما حولنا،  حتى أصبحت أرواحنا وأجسادنا هي الأخرى من “بلاستيك” !

تلوح امرأة أخرى ملقاة  كالجثة الهامدة على الأرض، لكنها تحاول أن تنهض فتسقط،  لكنها لا تيأس وتعيد المحاولة !  تتكاثر الأجساد فوق الركح، يسقط بعضها ليتلقفها البعض الآخر دون أن ينقطع صوت صفارة الإنذار. فالخطر لا يزال قائما !

ثم لا تلبث أن تتغير الأصوات لتصبح موسيقى متسارعة، ثم موسيقى أشبه بموسيقى الحرب  تتحرك على إيقاعها أجساد الراقصات والراقصين  في حيرة و قلق ومحاولة المقاومة.

في لوحة كوريغرافية  مؤثرة ومثيرة للتساؤل والتفكير تظهر  إحدى الراقصات وهي  منحنية الظهر  بسبب حملها لشجرة. فهل يعى الإنسان بالخطر المحدق بأمه الطبيعة؟

تتحرك الراقصة وفوقها الشجرة وكأنها تحمل وليدها، لكن البلاستيك يأبى إلا أن ينغص عليها محاولاتها إنقاذ الطبيعة. فيحتل الركح كشيطان مارد ويكتسح قاعة الأوبرا كالغول الجبّار … فتظهر من جديد  المرأة الملتحفة بالكيس البلاستيكي وكأنها  آلهة  التلوث وعدوة البيئة النظيفة.

ورغم محاولة التطهير، فإن الفتق اتسع على الراتق، ذابت ثلوج القطبين وندر الماء وطغت ثقافة الاستهلاك المفرط واختلت موازين الطبيعة … حتى فقدت توازنها وكادت أن تحتضر !

ينتشر الراقصون على المسرح في حركات متناثرة غير ذات هدى ويتوقفون فجأة، يرفعون رؤوسهم فتتراءى لهم أرضهم نازلة من فوقهم رويدا رويدا، يتلقفونها ويحومون تحتها …  فهل تستيقظ  ضمائرهم  وضمائر كل الناس، فينقذون كوكب الأرض قبل فوات الآوان؟

“بلادي يا بلادي” يكرم المرأة التونسية

في عرض أول، صافح  عرض “بلادي يا بلادي” لرضوان المؤدب وملاك السبعي جمهور أيام قرطاج الكوريغرافية في حدود الساعة السادسة مساء من يوم السبت 11 جوان 2022 بمسرح الجهات في مدينة الثقافة.

في منتهى الطرافة، قدّم العرض تحية تقدير و إجلال إلى المرأة التونسية التي أضاءت كالشمس فصول التاريخ  وعبرت كالفراشة من كل الأزمنة، فلوّنت البلاد والحياة بألوان الفرح والخير والأمل… ولأن الأحمر هو لون العاطفة والثورة في الآن نفسه، فقد كان الاشتغال على توزيع اللون الأحمر على مستوى الأزياء والأضواء وسينوغرافيا الركح مثيرا للانتباه والإعجاب.

كان الموسيقي  سليم عرجون يعزف على البيانو نوتات تراوح بين الهدوء والصخب، وكانت الراقصة ملاك السبعي تجاريه في إحساسه وموسيقاه من خلال لوحات كوريغرافية مدهشة ومذهلة.

كان هو يعزف بمهارة، وهي ترقص بشغف كل الفن والعمر.. وما بين أنامله المبدعة وخطواتها الرشيقة، كان الجسد هو سيد الزمان والمكان. فلا صوت يعلو على صوته، ولا سلطة تقيّد حريته وحركته ورسائله…

في “بلادي يا بلادي ” كان اللقاء مع الفنانة التشكيلية هالة عمار نقطة قوة واختلاف في تحويل الخشبة إلى ما يشبه اللوحة التشكيلية المفتوحة على التأويل. 

هي  صور توحيدة بالشيخ وبشيرة مراد وحبيبة مسيكة  وعليّة ورجاء بن عمار وزينب فرحات وغيرهن من النساء الخالدات التي تمّ استعراضها واستدعائها – الآن وهنا- للتذكير بأسماء تونسيات قدن المعارك والنضالات وصنعن تونس التقدم والفن والحداثة.

Related posts

“ماهو ذنبي”: دراما اجتماعية جديدة حصريا على قناة نسمة الجديدة

من بينها تونس: 15 مشروعًا من 8 دول عربية في النسخة العاشرة من ملتقى مهرجان القاهرة السينمائي

“كريس روك” يخرج عن صمته: “ويل سميث” قبيح ويرتدي قناع المثالية

Rim Hamza