قال الممثل ورئيس النقابة المستقلة لمهن الفنون الدرامية جمال العروي في حديث لـ”قبل-الأولى”، إنّه تابع بعض الأعمال الرمضانية لسنة 2022 كرئيس للنقابة ليفهم ما يحدث من خلال هذه الأعمال ومدى تفاعل الجمهور وكذلك المواضيع المطروحة ونسبة مشاركة الممثلين المحترفين والتي عادة ما تكون الثلثين.
وأكّد محدّثنا أنّ الأعمال كانت متفاوتة هذه السنة مشيرا إلى أنّ مسلسل “الحرقة” الذي عرض على القناة الوطنية الأولى حافظ على مستواه موضحا أنّ هذا العمل لو اتجه في زوايا أخرى لكان له أكثر حضور وحذوة لدى المشاهدين على حدّ تعبيره…
وأضاف: “كأن الحرقة 1 “حرق” نوعا ما الحرقة 2 حيث كان بإمكان المخرج أن يجد زوايا أخرى لكنّه بقي محافظا تقريبا على نفس الوجوه مع بعض الاضافات على غرار السيدة منى نور الدين ووجيهة الجندوبي وهنا ألاحظ أنّ وجود الممثلين المحترفين في أيّ عمل يقدّم الإضافة من خلال أدائهم وإبداعهم.. هناك ممثلين محترفين كانوا رائعين وهناك ممثلين مرّوا مرور الكرام وأنا أؤكّد على تشريك الثلثين من الممثلين المحترفين في الأعمال الدرامية، وهذا ما ندعو له دائما..”
ثلاثية الأسعد الوسلاتي مثّلت العودة القوية للقناة الوطنية
وواصل “العروي” حديثه قائلا: “مسلسل “الحرقة” كما سبق أن قلت حافظ على مستواه وشدّ المتفرجين وخاصة مثّل عودة القناة الأم وهي القناة الوطنية التي كانت فشلت في العديد من الأعمال السابقة لأنّها لم تراهن على المخرجين الجيّدين وكانت هناك محاباة، وعلى سبيل المثال مسلسل “فريق 27 “الذي كان مهزلة كبيرة فهو تحدّث عن الجيش الوطني وكأنّ القصد من خلاله هو ضرب الجيش الوطني من خلال الإدارة العامة التي كانت موجودة وقتها وانتماءاتها المعروفة.. فكيف يتمّ التعاقد مع شركة انتاج ليست لها علاقة بالإنتاج لا السينمائي ولا التلفزي وكانت نتيجته تلك الكارثة التي مازلنا نعاني منها إلى حد اليوم حيث لم يقع خلاص الممثلين وأنا إلى حدّ الآن لا أعرف لماذا لم تقع المحاسبة.. وحسب رأيي فإنّ ثلاثية الأسعد الوسلاتي “المايسترو” و”الحرقة “1 و”الحرقة 2″ كانت بمثابة العودة القويّة للقناة الوطنية…”
“كان يا ماكانش” عمل غارق في المحليّة
وبالنسبة لسلسلة “كان يا ما كانش”، فأشار رئيس النقابة المستقلة لمهن الفنون الدرامية إلى أنّ الأموال التي رصدت لهذا العمل كان من الأفضل أن ترصد لعمل آخر بنفس الامكانيات وبنفس الممثلين الجيدين، عمل تاريخي ومفيد أكثر وعمل أيضا يمكن تسويقه مثل الحرقة الذي يمكن تسويقه والذي جلب أعمالا أخرى للمخرج في حدّ ذاته حسب قوله…
وفي نفس السياق، قال محدّثنا: ” كان يا ما كانش هو عمل غارق في المحلية مع احترامي الكبير للكاتب حاتم بلحاج والمخرج عبد الحميد بوشناق الذي ليس له تجارب كبيرة مع التلفزة، لكن أرى أنّ هناك مواضيع أخرى نحن بحاجة إليها اليوم سواء اجتماعية أو تاريخية.. وأدعو مستقبلا خاصة القناة الوطنية المرفق العام أن تنجز أعمالا تاريخية أو عملا آخر عن الجيش الوطني مثل العمل المصري الاختيار الذي أرّخ للثورة وما قبلها وما بعدها وكشف الحقائق وبيّن القوة الشامخة للجيش المصري، وكقناة وطنية عندما قدمت عملا غير لائق عن جيشنا الوطني كان من المفروض أن تقدم عملا آخر يعالج ما أفسده الأول.. ثمّ إلى متى سنبقى غارقين في المحلية؟ اليوم يجب تقديم أعمال خصيصا للتسويق والترويج من خلالها نخدم بلدنا وسياحتنا وهذا كلّه يتطلب استراتيجية واضحة وكذلك التحدث مع أهل الذكر لأنه إذا كنت تملك قناة خاصة فهذا لا يعني أنه ستقدّم وتنتج ما تحب ولهذا وجدت الهايكا.. في الحقيقة يجب أن تقع شراكة بين كل القنوات حول نوعية وكيفية الانتاج وخاصة المواضيع التي سنطرحها وهذا له قيمة…”
هناك نوع من الاستهانة والتسيب في بعض القنوات يصل أحيانا إلى الخدش
ولاحظ “العروي” أن هناك نوع من الاستهانة والتسيّب في بعض القنوات التي تصل أحيانا إلى الخدش رغم أنه فنيا ليس هناك لوم، مشيرا إلى مسلسل “الفوندو” لمخرجته سوسن الجمني والذي يعرض على قناة الحوار التونسي حيث أكّد أنّه من الناحية الفنيّة كان هناك عمل فيه اتقان وعلى مستوى الأداء أيضا وكانت هناك إدارة جيّدة للممثلين وواضحة والشخصيات فيها رؤية وتسلسل حسب قوله…
وأضاف: ” المواضيع تبقى هي المشكل خاصّة إذا كنت ستنتج عملا خاصا برمضان ففي هذا الشهر المواطن يتحوّل حتى في ذهنه وطقوسه ولذلك هناك نوع من عدم القبول بالنسبة لبعض الأعمال الرمضانية رغم أن نسبة المشاهدة كبيرة وهذه “الاسكيزوفرينيا” التي يعاني منها المتفرجين حيث يشاهدون ثمّ يسبّون العمل… ونسبة المشاهدة بهذا المفهوم تكون خاطئة لأنه المتلقي يشاهد ليسبّ…”.
وبالنسبة لمسلسل “براءة” الذي أثار جدلا كبيرا، قال: “ننطلق من صاحب العمل سامي الفهري فهو يبيع بضاعة وهناك مشترين وكما لاحظنا أن كل الناس تشتري و الإشهارات كثيرة لكن كما تحدثنا نحن في شهر رمضان ونحاول أن نختار مواضيعنا والجدل الكبير حول دور الفنان فتحي الهداوي وكذلك ريم الرياحي الذين أبدعا على المستوى الفني وتقريبا كل الممثلين المحترفين المشاركين كانوا في المستوى.. الموضوع المطروح وخاصة تعدد الزوجات فهو يقول إنه يعالج هذا الموضوع حيث يضع إصبعه على الداء ليعالجه، بالإمكان أن تعالج دون تشجيع حيث أن هناك نوعية من الناس الذين لهم ايديولوجيا معينة أعجبهم هذا الموضوع، نحن اليوم في غنى عن كل هذا خاصة في هذا الزمن وهذا الاقتصاد والسياسة و وضعية المواطن، فلماذا “نزيد الطين بلّة” بمواضيع من هذا النوع.. أنا في الحقيقة لازلت أنتظر الحلقات الأخيرة وما سيؤول إليه العمل… وعلى مستوى السيناريو هناك ضعف حيث يجب أن نقوم بتربصات ومسابقات لكتابة السيناريوهات…”.
المسلسل المصري “الاختيار” عمل عميق وواقعي ويعالج ويكشف الحقائق
ويرى الممثل جمال العروي أنّه يمكن الاصلاح من خلال مسلسل مؤكّدا أنّه في أعمالنا القديمة ليس هناك عملا لا يتضمن موضوعا يتم اصلاحه و يتحدث عن تونس وجماليتها دون خدش حيث يمكن مشاهدة العمل مع العائلة ولذلك فإن المتفرج التونسي إلى حدّ اليوم لديه حنين لمسلسلات الزمن الجميل حسب تعبيره…
ويواصل حديثه: ” أنا في الحقيقة مع نوعية المسلسلات التي أنتجتها مصر كالاختيار فهو عمل عميق وواقعي ويعالج ويكشف الحقائق… فمتى سننجز أعمالا مثله؟ وهنا تكمن جرأة صاحب القناة ليقدّم أعمالا بهذه النوعية وأؤكد أنّه من واجب القناة الوطنية أن تنجز أعمالا قيّمة…”.
ريم حمزة