منير الشرفي رئيس المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة : حتى يكون للحوار قيمة هذا ما يجب على رئيس الجمهورية فعله ..

حاورته : إيناس المي

المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة جمعية تونسية تأسست في 19 ديسمبر 2019 تهدف إلى رصد كل الاخلالات بمدنية الدولة التونسية.جريدة 24/24 اتصلت برئيسها منير الشرفي للحديث عن الشأن العام  ببلادنا و لمعرفة موقف المرصد بخصوص  عدد من القضايا و الأحداث الآنية من ذلك ملف الحقوق و الحريات حل مجلس نواب الشعب  الحوار الوطني و غيرها من المواضيع التي تجدونها في الحوار التالي :

* ما تقييمك للوضع السياسي  الاقتصادي و الاجتماعي اليوم في تونس ؟

الواضح جدا للعيان و لكل عاقل اليوم  أن تونس تمر بأزمة كبيرة جدا …على كل المستويات السياسي الاقتصادي المالي الاجتماعي الصحي التربوي و هذه تراكمات لسياسة فاشلة عشنا في ظلها السنوات ال10 الأخيرة .المسئولين في الدولة كانت تنقصهم الكفاءة التجربة و أحيانا الوطنية فعم الفساد و الرشوة و الإرهاب و التكفير …هذا ما جعل البلاد تتراجع فكأننا نلمس رغبة في انهيار الدولة و رغبة في انهيار مؤسسات الدولة و سيطرة الفوضى و هذا تقريبا ما حصل و نحن الآن بصدد العيش في نتيجة هذه السياسة في الأثناء جاء حدث 25 جويلية الذي أكد خلاله رئيس الجمهورية انه سيعدل الكفة و سيعدل المسار. النية جيدة لكن هناك مشكلتين الأولى البطء في المسار كان من الممكن أن يكون خلال 3 أو 4 أشهر عوض سنة ونصف و ثانيا كنا نود ان يشرك رئيس الجهورية الكفاءات الوطنية الموجودة في بلادنا لكن إذا به لديه برنامج خاص به .

*  رئيس الجمهورية يتدرج  من تعليق عمل البرلمان الى حله نهائيا ما تعليقك ؟

25  جويلية لما اخذ الرئيس قرار تجميد البرلمان كان من المفروض انه من اليوم الموالي يكون لديه برنامج واضح للمسار لكنه تأخر كثيرا ليقدم رزنامته كأننا لسنا في وضعية استعجالية رغم أن الأزمة حادة الي درجة أن العلاج لا بد أن يكون سريعا .

رئيس الجمهورية يعتمد دائما على الدستور في اخذ القرار أنا لست رجل قانون ولكن اعتقد ان تطبيق الرئيس للدستور يعتمد على قراءة خاصة جدا لان أكثر أساتذة القانون الدستوري غير موافقين على التمشي الذي اعتمده من الناحية الدستورية و لكنني أقول المشكل سياسي و لابد ان يكون حله سياسي و ليس بالضرورة قانوني أريد أن اذكر أن  رئيس الجمهورية لديه عبارة يعيدها دائما و هي الفرق بين الشرعية و المشروعية

الشرعية يمكن تفقد إذا المشروعية تفقد  : مثلا نواب بالمجلس يقولون أنهم منتخبين و شرعيين و هذا صحيح لكن هل وجودهم في مجلس النواب مازال مشروعا؟ هل ان الشعب راض عن شرعيتهم؟ نريد ان نذكر أن يوم 25 جويلية البلاد انتفضت و الناس رفعت شعار حل البرلمان كان يمكن لرئيس حينها أن يؤخذ بزمام الأمور و يستند على نداءات الشعب و يحل البرلمان على هذا الأساس لكنه اختار  ان يستند للفصل 80 و صرح بذلك ليجمد البرلمان و بعد فترة عمد الى حله ..

* قلت ان رئيس الجمهورية يعتمد قراءة خاصة جدا في تطبيق الدستور و في المقابل هناك ايضا اطراف تنادي بتغييره و اخرى متشبثة به و بتطبيق ما جاء فيه .ما رايك في الموضوع و هل من خطر اليوم على مدنية الدولة حسب تقديراتك؟

الدستور الأخير لسنة 2014  الذي صار التعامل به محدود جدا يحتوي على هانات و نقائص و تناقضات و مراجعته صارت ضرورة لكن هذه المراجعة و رغم احترامي لتخصص الرئيس في القانون الدستوري فان الدستور لا يصيغه شخص فقط  يجب أن تقوم به لجنة موسعة من أساتذة القانون الدستوري و يتم العمل بالتشارك مع هؤلاء و عدم استدعاء مساندي الرئيس فقط .نحن نعلم انه يوجد 3 أساتذة قانون دستوري مساندين له لكن البقية غير مساندين .

اذا  فان التحوير سيتم في اتجاه واحد و معين لكن الدستور يهم الجميع و يمكن أن يكون صالحا حتى ل50 سنة و لا يمكن أن نعده على أساس رأي واحد .لو كنت مكان قيس سعيد كنت ادعوا أهل الذكر من المساندين و الرافضين للجلوس معا في لجنة لتقديم دستور جيد قابل للتنفيذ.

دستور 2014 ينص على مدنية الدولة في أكثر من مناسبة و ينص على الحقوق الفردية و الجماعية و على احترام المواطنين و التعامل معهم على قدم المساواة مهما كانت ديانتهم و توجهاتهم الفكرية كل هذا يجب المحافظة عليه و تدعيمه و كذلك بالنسبة للمرأة وجب على الدستور أن ينص على وجوب تطوير مجلة الأحوال الشخصية و المضي قدما في اتجاه توفير مزيد الحقوق للمرأة هذه الأشياء يجب أن يتضمنها الدستور الجديد حتى يكون دستور مستقبلي تقدمي.

* الى أي مدى يمكن ان نقول انه هناك فعلا خوف على الحقوق و الحريات في تونس بعد 25 جويلية ؟

هناك المرحلة الانتقالية و هناك ما بعد المرحلة الانتقالية في انتظار دستور جديد و استفتاء و انتخابات …نرجو أن تكون الحريات مكفولة بالدستور الجديد و ان تطبق من طرف النظام الجديد بعد الانتخابات القادمة لكن في الأثناء هناك اخذ و رد في هذا الموضوع مثلا الإعلام يعيش تدخلات خاصة  وسائل الإعلام العمومية و هناك مظاهرات تؤيد الرئيس تحضي بحماية أمنية و أخرى معارضة يقع التضييق عليها اذا هناك نوع من الحد من الحريات و نرجو أن لا تطول هذه الفترة.

* تحدثت عن تدخلات في السلطة الرابعة فما هو الحال اليوم بالنسبة للسلطة الخامسة هل هي قادرة اليوم على القيام بدورها في هذه الظروف الاستثنائية ؟

من واجب السلطة الخامسة أن تقوم بدورها و طبعا الأحزاب أيضا لدينا العديد من المنظمات و الأحزاب و لكن الفاعلة على ارض الواقع عددها اقل و اعتقد ان هناك بين 20 أو 30 جمعية و منظمة يمكن أن تكون قوة ضغط  و قوة اقتراح و أدعو رئيس الجمهورية أن لا يغض الطرف عن المجتمع المدني في الحوار .هو اتصل مؤخرا بالمنظمة الشغيلة  و منظمة الأعراف و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و هناك أحزاب جاهزة اعتقد انه لا يحق له عدم التواصل معها لكي لا تكون الدعوة للحوار فقط مع المؤدين كي يصح الحوار . فيوجد في تونس جمعيات و منظمات حاملة لأفكار تحتوي على كفاءات و لديها تجارب يجب الاستماع إليها

*  في فترة مضت كتبت مقالا عنونته كالتالي :”استقالة النخبة” ما المطلوب اليوم كي تعود النخب للصفوف الأمامية و تبرز في المشهد ؟

مشكلة النخب هي مشكلة كبيرة جدا في تونس لان النخب كانت دائما محترمة لا احد يمكن أن ينكر كفاءتهم من  الستينات و منذ الثورة  لليوم النخب أقيلت و أبعدت لان السلطة التي كانت قائمة منذ 10 سنوات خلت لا يهمها النخب و الكفاءات و التجارب و ما يهمها هو أن السلطة تبقى بين أيدي الموالين للحزب الحاكم حتى و لو دون كفاءة او تجربة بتاتا فمثلا يمكن أن نجد وزير غير ملم بموضوع حساس  لا لشي إلا لأنه تم إبعاد الكفاءات و تعويضها بهؤلاء  و هذا ما دفع بالكفاءات للهجرة و هذا شي يندى له الجبين و عار على تونس أن تغادر كفاءاتنا بلادها .

كفاءاتنا عندما أبعدت أصيبت بالإحباط و إبعادها لم يكن برغبة منها بل برغبة من السلطة. بعد 25 جويلية كنا نتمنى أن تعود هذه الكفاءات للظهور للصفوف الأمامية لكننا لم نلمس ذلك فرئيس الجمهورية لديه بعض المستشارين ذاتهم قبل 25 جويلية و بعدها و هذا غير منطقي لأنه كان ماسكا بسلطة تمثل 10 بالمائة من السلطة التنفيذية فقط بعد 25 جويلية صارت لديه سلطة كبيرة كاملة بحيث وجب ان يتم تغيير المستشارين أو على الأقل يتم تدعيمهم بكفاءات عليا 

هل هناك رجل اقتصاد ذو ثقل قريب من رئيس الدولة و يحيطه علما بكل التطورات ؟ هل هناك مختص مثلا مختص في شؤون المالية ؟ طبعا لا يوجد. الكفاءات مغيبة و محبطة و هناك أساتذة اعتزلوا الاستماع حتى للأخبار و من بينها خطابات الرئيس و هذه استقالة من الشأن العام لأنهم يشعرون أنهم غير قادرين على التأثير فيه بعد استبعادهم .

* طالب المرصد في بيان له وزارة الداخلية بإلغاء منشور يعود للثمانينات .عودة على فحوى المنشور و أسباب المطالبة بإلغائه     

كنا نعتمد على الرؤية و منذ الستينات تم الاعتماد على الحساب العلمي بعد قرار الرئيس بورقيبة .و في سنة 1986 /1987صار هناك ضغط كبير من الإخوان “الإسلاميين”لإعادة العمل بالرؤية و جاء الرئيس بن علي و في إطار عملية سحب البساط من الإسلاميين أعاد استعمال الرؤية في عملية تراجعت بنا عشرات السنين  للخلف و كان من المفروض بعد مدة أن نعيد اعتماد الحساب العلمي بدلا عن الرؤية و ما لفت الانتباه هذه السنة ان المفتي أكد تعذر رؤية الهلال و مع ذلك أكد أن غدا دخول شهر رمضان لأنه يعي جيدا انه حسابيا سيكون  بداية هذا الشهر الفضيل يوم السبت.  

المنشور المذكور قام به محمد  المزالي في الثمانينات في حركة تعاطف مع الإسلاميين و المعروف ان الرجل رحمه الله كان متعاطف مع الإسلاميين في فترة حكمه حيث ادخل عديد الإسلاميين في دواليب الدولة و خاصة صلب وزارة التربية حيث اثروا كثيرا على برامج التعليم و من جملة الامتيازات التي قدمها لهم هذا المنشور من وزارة الداخلية الذي يمنع فتح المقاهي و المطاعم في رمضان .هذا المنشور مر عليه 40 عاما فلماذا بقي ساري المفعول للان خاصة انه يحد من الحريات الفردية و منافي حقوق الإنسان و الدولة المدنية فالتونسيون اغلبهم مسلمين لكن هناك ديانات أخرى بالبلاد .و حتى المسلمين من بينهم من لا يلتزم بفريضة الصيام و هذه أمر يخصهم و خالقهم و هذه الأمور الدينية لا تخص أعوان الأمن و لا يتحكمون فيها و لكل ما سبق طالبنا بالحد من هذه الممارسات و إلغاء هذا المنشور.

* بيان المرصد بخصوص المضامين التلفزية المقدمة في المسلسلات و مسلسل “براءة” على وجه التحديد أثار جدلا واسعا خاصة ان العمل الفني مازال في بداياته و رسائله لم تكتمل بعد حسب عدد من المراقبين فما تعليقك ؟

 أريد أن ألح على نقطة و هي دفاع المرصد عن الفنانين و حقهم في الإبداع و الخلق  بل بالعكس نحن نشجع الفن الدراما الموسيقى و المسرح …و نعتبرها مهمة في ثقافة التونسيين لكن العمل الثقافي يحتوي على مضمون و إذا لا يتماشى مع المجتمع و لا القانون و لا الدستور و لا الأخلاق و لا مع المبادئ الكونية لحقوق الإنسان و لا مع قيم الجمهورية فنحن لا نحتاجه . 

هناك من يكتفي ببعض الحلقات التي تكون كافية لإيصال مضامين خطيرة كما ان المسلسل يتضمن أيضا دعوة الى عدم تطبيق القانون باعتباره يبرر الزواج العرفي الذي يُجرّمه القانون التونسي .

 مضامين هذا المسلسل منذ حلقاته الأولى تحتوي “على أطروحات غريبة ”  مثل تفوّق الشعوذة على العلوم الطبيّة إضافة الى تقديم لصورة المرأة المهانة  أمام الرجل المتسلط و المسيطر . الأعمال الفنية والدرامية يجب أن تكون موجهة نحو التثقيف التقدمي والعقلاني والحقوقي لا العكس.

 * رسالتك لرئيس الجمهورية قي سعيد

سعدنا بوضع حد للسلطة الفاشلة ما قبل 25 جويلية و لكن الظرف الاستثنائي خطير و كل يوم يمر دون حل المشاكل الكبرى ستتعمق هذه المشاكل أكثر و تكبر خاصة المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الحلول لا يمكن أن تكون فردية بل جماعية و عليه على رئيس الجمهورية أن يقوم بتشريك القوى الفاعلة في البلاد لا فقط المؤدين بل المعارضين أيضا حتى يكون للحوار قيمة .

Related posts

ارتفاع مستحقّات المنشآت العمومية تجاه الدولة بـ 6 بالمائة

سنية خميسي

غدا: طابع بريدي احتفالا بالذكرى 30 لإحداث الديوان الوطني للحماية المدنية

ichrak

شهائد تونس في المرتبة الثانية عالميا في هذه الاختصاصات

Halima Souissi