يصوم المسلمون في شهر رمضان يومياً من الفجر وحتى غروب الشمس، ويتناولون وجبتين: وجبة الإفطار، ووجبة السحور قبل الفجر. وهناك أدلة علمية على ما للصوم من آثار إيجابية على الصحة.
و في شهر رمضان تنشط الحياة الاجتماعية بشكل خاص، فالناس إما يستقبلون الأقارب والأصدقاء أو يحلون ضيوفاً عليهم، ويلتفون جميعاً حول مائدة إفطار عليها ما لذ وطاب من المأكولات والمشروبات احتفاء بصومهم.
إلا أن الخطوات الصحية في التغذية والعناية باحتياجات الجسم، وسلوكيات الحياة اليومية، تكتسب أهمية متميزة في جعل الصوم أكثر يسراً وأقل تسبباً في الإرهاق والتعب البدني.
وقد كشفت الطبيبة عبير مبارك، وهي استشارية في “الباطنية”، لصحيفة “الشرق الأوسط” بعض هذه الخطوات.
تفادي إنهاك الجسم
الشعور بالجوع والشعور بالعطش أمران لا مفر منهما خلال ساعات النهار عند الصوم.
لكن ليس بالضرورة أن يكون ذلك شديداً لأن بإمكان الجسم لدى غير المصابين بأمراض مزمنة، أن يتعامل مع هذا الوضع وفق آليات مريحة له، ويستطيع أن يتكيف وبسهولة مع هذا الظرف الفريد.
وتوضح “مؤسسة التغذية البريطانية (BNF)” ذلك بقولها إنه “بمجرد استهلاك الجسم جميع السعرات الحرارية التي حصل عليها من الأطعمة التي جرى تناولها أثناء الليل، فإن الجسم خلال ساعات الصيام يستخدم الكربوهيدرات (المخزنة في الكبد والعضلات) ويستخدم الدهون، وذلك لتوفير الطاقة”.
و بالتالي لا يتأثر الجسم بدرجة شديدة، وتبقى المعاناة لديه مقتصرة على الشعور بالجوع والعطش المتحمل أي دون أن تتأثر آليات إمداد الجسم بالطاقة، وصولاً إلى حالة الإنهاك والنقص الشديد في مستويات السكر بالدم. والخطوة الأهم هنا هي الحرص على عدم إجهاد الجسم بشكل قوي وتحاشي التعرض لحرارة أشعة الشمس والأجواء الخارجية الحارة.
تخفيف الجوع
يمتلك الجسم مفتاحاً للشعور بالجوع (Hunger Switch)، عبر زيادة أو خفض إنتاج هرمونات الجوع/الشبع، وهو ما يمكن أن نتحكم فيه كي لا يتسبب لنا في الإزعاج الشديد.
والمعدة مصدر إثارة الشعور بالجوع أو الشبع. فيزيد هرمون “غريلين”، وهو هرمون الجوع، إفرازه عندما تكون المعدة فارغة، فيما يزيد هرمون “لبتين”، وهو هرمون الشبع، إفرازه مع امتلاء المعدة. لذا فإن تناول أطعمة تحفز شعور المعدة بالامتلاء لوقت طويل، هو أحد مفاتيح إطفاء الشعور بالجوع.
أما من أقوى تلك الأطعمة فهي المنتجات الغذائية الغنية بالبروتينات، والمنتجات الغذائية الغنية بالكربوهيدرات المعقدة، أي السكريات بطيئة الهضم.
وبتناولهما، كما في شوربة الشوفان مع قطع من اللحم، تزيد مدة الشعور بامتلاء المعدة بعد تناول وجبة الطعام (خفض الشعور بالجوع).
و يحصل الجسم على كميات قليلة من سكر الغلوكوز بشكل متواصل ولساعات طويلة، بعد تناول وجبة الطعام (منع الشعور بالصداع والغثيان ودوخة الدوار).
حفظ سوائل الجسم
لا يستطيع الجسم تخزين الماء، إلا أن الكليتين تعملان على تقليل كمية الماء التي يخرجها الجسم مع سائل البول.
لذا يسهم عدم التعرض غير الضروري لأشعة الشمس وللأجواء الحارة، في تقليل كمية الماء التي يفقدها الجسم عبر منافذ أخرى، أي مع هواء التنفس ومع إفرازات العرق.
كذلك يسهم تقليل تناول الأطعمة المالحة ضمن وجبة السحور، في خفض الشعور بالعطش خلال النهار لأن الإكثار من الملح يضطر الكليتين إلى إخراج مزيد من البول، بغية حفظ توازن الأملاح في الجسم، مما يتسبب في مزيد من الجفاف بالجسم.
غير أنه يجدر الانتباه إلى أن كثرة شرب السوائل قبيل الفجر، تضطر المرء إلى الاستيقاظ للتبول لاحقاً، مما يُعوق الاستغراق المريح في النوم، إن كان المرء يعتمد في نومه الرئيسي على النوم خلال ساعات الصباح الأولى.
التعامل مع الجفاف
بحسب عدد ساعات الصوم بالنهار ومدى حرارة الأجواء ومقدار الجهد البدني الذي يبذله الصائم، وأيضاً بحسب الحالة الصحية للمرء، فإن غالبية الصائمين يعانون من درجة بسيطة من الجفاف.
وهو ما يتسبب في جفاف الفم، والشعور بالعطش والصداع، والشعور بدرجة منخفضة من الإعياء، وصعوبات قليلة في التركيز. وبهذه الدرجة من الجفاف، لا يحدث انخفاض في ضغط الدم، أو ارتفاع في نبض القلب، أو ارتفاع في حرارة الجسم.
كما أن هذه الحالة البسيطة من الجفاف لا أضرار صحية لها ما دامت الحالة الصحية في الأصل لدى الصائم جيدة، وما دام المرء حرص على شرب الماء بعد حلول وقت الإفطار.
تعويض السوائل في الليل
إن البدء في تزويد الجسم بالسوائل مباشرة بعد غروب الشمس، يعمل بشكل سريع على إعادة التوازن في درجة تروية الجسم.
وهذا يزيل الشعور بالظمأ ويروي الأوعية الدموية بالجسم. وتزويد الجسم بالسوائل له أشكال مختلفة، مثل شرب الماء الصافي.
وتناول الشوربة، وشرب عصير الفواكه، وتناول الفواكه الطازجة كرُطب البلح وغيرها، وتناول الخضراوات الطازجة كما في السلطات.
كذلك تجدر ملاحظة أن ما يعوق تعويض الجسم بالسوائل هو تناول الأطعمة المقلية أو حلويات المعجنات الدسمة خلال المراحل الأولى لتناول وجبة الإفطار.
ولتعويض السوائل المفقودة خلال اليوم، وبدء اليوم التالي من الصيام بشكل جيد، يجدر الحرص على شرب الماء من آن لآخر خلال فترة الليل، وصولاً إلى وجبة السحور والإمساك بعدها.
توقيت تناول الطعام
خلال ساعات المساء الأولى، يجدر الحرص على عدم تأخير تناول وجبة الإفطار، كي يبدأ الجسم في تلقي احتياجاته من الماء والطعام بترتيب صحي يُفيد الجسم ولا يرهق الجهاز الهضمي.
ولتوفير الراحة للجسم طوال ساعات النهار، يستوجب الحرص على تأخير وجبة السحور أكبر قدر ممكن، أي إلى آخر اللحظات قبيل وقت الفجر، لتقليل عدد ساعات النهار التي يشعر فيها الجسم بالجوع.
وعند حرص الصائم على تناول وجبة السحور بطريقة ومكونات صحية، لا يشعر الجسم بأي اضطراب في التغذية لساعات تمتد إلى نحو منتصف النهار، وهو عدد الساعات نفسه الذي يفصل في الحالات الطبيعية بين وجبة الإفطار الصباحي المعتادة ووجبة الغداء المعتادة.
الوقاية من الإمساك
التغيرات في عادات الأكل ونقص السوائل أثناء النهار، قد تسبب الإمساك لبعض الصائمين.
وأولى خطوات منع ذلك هو تناول كثير من الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الحبوب الكاملة والحبوب الغنية بالألياف والنخالة والفواكه والخضراوات والفاصوليا والعدس والفواكه المجففة والمكسرات.
جنباً إلى جنب مع شرب كثير من السوائل وتناول الأطعمة الغنية بالسوائل والألياف معاً، مثل الفاكهة والخضراوات واللبن والشوربات.
كما يساعد في تخفيف الإمساك القيام ببعض النشاط البدني الخفيف، مثل المشي بعد الإفطار، وفقا لما جاء في موقع العربية نت.