اختتمت مؤخرا بالعاصمة تونس، أشغال ورشة عمل لإعداد قائمة المؤشرات المتعلقة بالرصد والتعرف على ضحايا الاتجار بالبشر في ليبيا. وقد أصدرت الورشة تسع توصيات تتمثل أهمها في ضرورة نشر المؤشرات العامة لرصد ضحايا الاتجار بالبشر والتعرف عليهم على أوسع نطاق ممكن، ونشر المؤشّرات الخاصة للتعرّف على ضحايا الاتجار بالبشر وتحديدهم لدى الجهات الحكومية ذات الصلة بها.
وتتنزل هذه الورشة التي انعقدت على مدى ثلاثة أيام (22-23 و24 مارس 2022) في إطار إعداد الآلية الوطنية لإحالة ضحايا الاتجار بالبشر في ليبيا ضمن شراكة بين مجلس أوروبا والمجلس الوطني الليبي للحريات العامة وحقوق الانسان ومنظمة لا سلام دون عدالة، وبدعم من “برنامج تعزيز التعاون الإقليمي في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية في جنوب البحر الأبيض المتوسط” (برنامج الجنوب الرابع) وهو برنامج مشترك بين الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا. كما شارك في هذه المبادرة الهامة قرابة خمسين مشاركة ومشاركاً من مختلف الهياكل الحكومية الليبية ذات الصلة مثل وزارة العدل ووزارة الداخلية ومكتب النائب العام واللجنة العليا للطفولة والمجلس الأعلى للقضاء وخبيرات وخبراء من مجلس أوروبا من فرنسا وبلجيكا ومن تونس أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص ورئيس الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب فتحي جراي، بمشاركة مجلس أوروبا ومنظمة لا سلام بدون عدالة وعدد من الخبراء والمجتمع المدني.
قدم الخبراء والخبيرات والمشاركون والمشاركات في ورشة عمل لإعداد قائمة المؤشرات المتعلقة بالرصد والتعرف على ضحايا الاتجار بالبشر في ليبيا تسع توصيات تتمثل أساسا في دعوة مجلس أوروبا ومنظمة لا سلام دون عدالة لعقد ورشة عمل أخرى خاصة لعرض قائمة مؤشرات الرّصد والتعرّف على ضحايا الاتّجار بالبشر في ليبيا ومناقشتها وتطويرها واعتمادها بمشاركة جميع الأطراف ذات الصلة، وثانيا دعوة مجلس أوروبا ومنظمة لا سلام دون عدالة لعقد ورشة عمل لعرض ومناقشة مشروع القانون الخاص بمكافحة الاتجار بالبشر في ليبيا بمشاركة جميع الأطراف الليبية ذات الصلة وبعض الشركاء الدوليين تمهيداً لعرضه على مجلس النواب وإنشاء الآلية الوطنية المعنية.
الدعوة لوضع برنامج لدعم جهود ليبيا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر
كما أوصى المشاركون بالتنسيق والتعاون والعمل بين جميع الأطراف الحكومية ذات الصلة بموضوع مكافحة الاتجار بالبشر وتشريك منظمات المجتمع المدني ذات الصلة لضمان نجاعة وشمولية وتكامل عمليات رصد الضحايا والتعرف عليهم وتوجيههم وتدابير حمايتهم وصون كرامتهم وحقوقهم. بالإضافة إلى تبني النقطة الرابعة من التوصيات لمسألة اعتماد المقاربة المبنية على حقوق الإنسان في جميع مراحل وعمليات رصد ضحايا الاتجار بالبشر والتعرف عليهم وتدابير حمايتهم، مع الأخذ بعين الاعتبار مقاربة النوع الاجتماعي والتنوع عند التعامل مع النساء والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة.
وفي نفس الإطار، شدد الخبراء في التوصيات على نشر المؤشرات العامة لرصد ضحايا الاتجار بالبشر والتعرف عليهم على أوسع نطاق ممكن باستخدام مختلف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، وتكثيف حملات التوعية والتثقيف حولها لدى مختلف الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والجمهور عامة بهدف خلق وعي عام بخطورة هذه الجريمة والتشجيع على ثقافة الإشعار وحماية الضحايا، والتفريق بينها وبين ظاهرة الهجرة غير النّظامية. كذلك نشر المؤشّرات الخاصة للتعرّف على ضحايا الاتجار بالبشر وتحديدهم لدى الجهات الحكومية ذات الصلة بها، وتكثيف الدورات التدريبية حول مهارات استخدامها، وحماية المعطيات الشخصية للضحايا.
وشملت التوصيات أيضا، دعوة مجلس أوروبا ومنظمة لا سلام دون عدالة لوضع برنامج لدعم جهود ليبيا في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وخاصة في مستوى الدراسات والبحوث والتدريب وتطوير الممارسات المهنية وإنتاج الأدلة التوجيهية، ونقل الخبرات والممارسات الناجحة في العالم.
وأكدت النقطة الثامنة من التوصيات ضرورة تكثيف التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وخاصة تبادل المعلومات والخبرات والتدريب، وتفعيل أحكام الآليات الدّوليّة المتعلّقة بالتّعاون القضائي على المستوى الدّولي في المجال الجنائي من خلال الاتّفاقيات الثّنائية أو متعدّدة الأطراف أو الإقليمية أو الدّولية، وعلى رأسها اتّفاقيّة الجريمة المنظّمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها، وخاصّة بروتوكول “باليرمو” المتعلّق بتهريب المهاجرين عبر البرّ والبحر والجو والبروتوكول المتعلق بمكافحة الاتّجار بالبشر.
زد على ذلك، طالب الحاضرون في نهاية التقرير المعد لصياغة التوصيات، بتكثيف الجهود الدّولية للمساهمة في دعم بناء مؤسسات الدّولة الليبية وتعزيز قدراتها في مختلف المجالات، وخاصّة في مجال حماية حقوق الإنسان بما يستجيب لمتطلبات المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا.
جلسة الافتتاح…”الحاجة الملحة إلى مكافحة الاتجار بالبشر في ليبيا“
هذا وقد افتتحت يوم الأربعاء الماضي رئيس مكتب مجلس أوروبا بتونس ومنسقة سياسة الجوار مع جنوب البحر المتوسط بيلار موراليس أشغال ورشة العمل حول “قائمة المؤشرات المتعلّقة بالرّصد والتعرّف على ضحايا الاتّجار بالبشر في ليبيا”، التي أشارت إلى أنّ إقامة هذه الورشة كان نتاج الاجتماع السابق الذي عقد بتونس خلال شهر فيفري الماضي مع المجلس الوطني الليبي للحريات العامة وحقوق الإنسان.
كما ذكّرت بجهود مجلس أوروبا في دعم ومساندة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالأشخاص في تونس التي باتت تشكّل نموذجاً يحتذى في هذا المجال، واستعداد مجلس أوروبا لإعادة نفس التجربة مع السّلطات الليبية ودعم جهودها لمكافحة الاتجار بالبشر.
من جانبه، تحدث رئيس المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان بليبيا عمر عطية الله الحجازي عن استغلال عصابات الجريمة المنظمة للموقع الجغرافي لليبيا والأوضاع الأمنية والسياسية التي تمرّ بها البلاد، داعياً مجلس أوروبا والمنظمات الدولية المشاركة إلى تكثيف جهودها للمساهمة في دعم بناء مؤسسات الدّولة الليبية وتعزيز قدراتها في مختلف المجالات، وخاصّة في مجال حماية حقوق الإنسان والحريّات العامّة بما يستجيب لمتطلبات المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا.
وفي كلمته الافتتاحية، عبر المدير الإقليمي لمنظمة لا سلام دون عدالة فرج فنّيش عن حرص الجهات المنظمة على دعوة مختلف الجهات الليبية ذات العلاقة، ومنظمات المجتمع المدني، لتبادل المعلومات والخبرات والوقوف على أبرز التحديات، والسعي لوضع قائمة وطنية لمجموعة من المؤشرات التي تسهلّ عمليات رصد ضحايا الاتّجار بالبشر والتعرف عليهم وتوجيههم وحمايتهم، داعياً إلى اعتماد مقاربة حقوق الإنسان في تناول جرائم الاتجار بالبشر والأفعال المرتبطة به سواء في مواجهة الظاهرة أو معالجتها أو التعامل مع ضحاياها وخاصة الأطفال منهم.
وسعت الورشة على مدى ثلاثة أيام إلى تجميع الأطراف الفاعلة في مجال مكافحة الاتّجار بالبشر في ليبيا، وخاصّة في مجال الرّصد والتعرّف على الضّحايا، وإعداد لائحة مؤشّرات تمكّنهم من الحصول على وثيقة موحّدة للمساعدة على الرّصد والتعرّف على ضحايا الاتّجار بالبشر من خلال تقديم عروض تأسيسية مختلفة حول الإطار الدّولي للاتّجار بالبشر والإطار الوطني لمكافحة الاتّجار بالبشر في ليبيا ومنهجية التعرّف على ضحايا الاتّجار بالبشر وكيفيّة وضع قائمة مؤشّرات رصدهم والتعرّف عليهم ومنهجية تطوير إطار وطني للرّصد والتعرّف على الضّحايا، وعرض لتجربة الهيئة الوطنية لمكافحة الاتّجار بالأشخاص في تونس للمنهجية التي اتّبعتها لوضع المؤشرات ولتوعية المهنيين والعموم، إلى جانب عدد من ورشات العمل حول وضع أساليب موّحدة للتعرّف على الضّحايا من خلال وضع مشروع لقوائم مؤشرات عامّة وخاصة لرّصد ضحايا الاتّجار بالبشر والتعرّف عليهم.