حاورته : إيناس المي
التقت جريدة 24/24 الناطق الرسمي السابق باسم حزب المبادرة و الدستوري المستقل محمد صافي الجلالي حيث تم التطرق الى أسباب الأزمة في تونس و الحلول المتاحة لتجاوزها كما تم تناول عدد من المواضيع الأخرى مثل موقفه من تمشي رئيس الجمهورية قيس سعيد في تسيير البلاد ؛و موقع العائلة الدستورية و اليساريين في المشهد السياسي كل هذا و أكثر تجدونه في الحوار التالي:
✓ ما تقييمك للمناخ السياسي اليوم في تونس
المناخ السياسي ببلادنا اليوم أقل ما يقال عنه أنه مناخ جد متردي فقد انعدمت الثقة بين التونسيين سواء بين السياسيين أو بين السياسيين و العامة .المناخ صار متعفن و لا بد من إعادة تشكل المشهد السياسي لأن حالة الحقد و الضغينة التي انتشرت بين التونسيين اليوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين السياسيين أو غيرهم غير متوقعة بالمرة و لا يمكن استعابه.
✓ أين العائلة الدستورية من كل التطورات و الأحداث التي تعاقبت على تونس خاصة بعد 25 جويلية؟
العائلة الدستورية هي ككل العائلات اليوم .الحزب الدستوري الحر يواصل شق طريقه على طريقته و “الدساترة” أغلبهم على الربوة و يمكن اثر وضوح الرؤية أن يذهب الدستوريون نحو تشكل جديد اما من خلال الوحدة و الانصهار صلب الحزب الدستوري الحر طبعا لو قبلت عبير موسي و كافة مكونات الحزب ذلك أو ببعث تيار آخر في شكل حزب دستوري وطني ديمقراطي كبير لأن ” الدساترة” الذين على الربوة أكثر بكثير من المنتظمين .
في المشهد السياسي أعتقد أن ما يخيف الطبقة السياسية بيمينها و يسارها و حتى المنظومة التي جاء بعد ما يسمى “بالثورة” هو وحدة “الدساترة” و تنظمهم و مهما يكن توجه الحزب الدستوري فحزب واحد لا يستطيع ان يمثل كل ” الدساترة” لا عدديا و لا من حيث التوجهات .
واضح ان هناك خوف كبير لدى المنظومة التي بين 2011 الي حدود 25 جويلية من الدستوريين لذلك تم هرسلتهم خلال العشر سنوات الأخيرة و نتذكر جيدا المحاكمات و التنكيل المتواصل و حتى منظومة ما بعد 25 جويلية لم تترك ” الدساترة” و شأنهم أيضاً.
أقولها بكل صراحة صراع رئيس الجمهورية قيس سعيد ليس صراعا مع منظومة ما بعد 2011 انما هو صراع مع “الدساترة” فحتى حديثه مع ممثل البنك الدولي مؤخرا تحدث فيه عن أناس سرقوا البلاد قبل 2011 و عن العائلات النافذة و عن أصهار بن علي. صراع سعيد الرئيسي ليس مع “الخوانجية” أو غيرهم لأن هؤلاء لو اجتمعوا ” ميعبيوش كار” .لذلك الجميع يشهرون سيوفهم على ” الدساترة” و العجيب اليوم ان اليسار مثلا رفع في الوقفة الاحتجاجية يوم 6 فيفري شعار “سحقا سحقا للرجعية دساترة و خوانجية “فهل الدستوريون هم من اغتالوا شكري بلعيد؟ كما ان رئيس الجمهورية أيضا نعتهم بأدوية منتهية الصلاحية .الجميع هاجسهم و خوفهم عودة ” الدساترة” لكن ثقتي كبيرة بعودتهم للمشهد طال الزمن أو قصر وهم سيكونون الحـَكم في المشهد السياسي .
✓ كنت من أول الذين صرحوا بأن رئيس الجمهورية قيس سعيّد يسعى الي تجميع كل السلطات بين يديه .فما الذي دفعك إلى هذا التصريح منذ سنة ؟
فعلا كنت أول من أكد أن قيس سعيد راغب في جمع كل السلطات بين يديه . أنا مع روح 25 جويلية لكن قيس سعيد ليس لديه برنامج و كل من ساندو الرئيس اعتقدوا انه سيحل حركة النهضة و أنه ضد الخوانجية و أنه سيقاوم الفساد و الاحتكار و هذا لم يحصل لحد الآن .الاحصائيات الأخيرة أكدت انه ضمن 245 مرسوم رئاسي لا وجود لأي مرسوم ذو بعد اجتماعي و اقتصادي فمن ساندوا سعيد إما ناقمون على المشهد السياسي قبل 25 جويلية أو من انجروا وراء شعارات مقاومة الفساد .أنا قلتها و أعيدها الديمقراطية لا تشبع البطون الخاوية فبعد عمليات الاحتكار و غلاء الأسعار السوق هو من يفرض على الطبقة الفقيرة حتى طبق غداءه في غياب الخبز مثلا .
كل شعارات قيس سعيد جميلة و تستحق الثناء لكن هل من ترجمة فعلية على أرض الواقع؟ هل من برامج جدية تطبق ؟
مثلا 17 ديسمبر 2020 رئيس الجمهورية زار ولاية سيدي بوزيد و قال أن الأموال متوفرة و أنه سيعود بالمشاريع للولاية لكن لليوم بقيت مجرد وعود فأين الأموال؟ يقوم أن الأموال منهوبة؟ فلماذا اندلعت ما يسمى بالثورة اذا ؟
✓ تحدثت عن تكوين حركة سياسية وطنية جامعة على غرار الحركة الدستورية بقيادات وطنية حقيقية ذات خبرة في إدارة الدولة تقطع مع الهواة لبناء مشروع وطني للإنقاذ هل هذا مجرد حلم أم هناك مشروع سياسي جديد في الأفق بهذه المواصفات؟
البلاد لا يمكن أن تحكمها الشعبوية و تونس لا يمكن أن تتحول الى جماهيرية و لا يمكن أن تحكم بالتنسيقيات و اللجان الشعبية . أي نظام ديمقراطي في العالم قوامه العمل السياسي و العمل الحزبي .تونس لن يستطيع أن يحكمها اي حزب في ظل هذا المشهد السياسي المتشتت لذلك أكدت على ضرورة بناء حركة سياسية جامعة و ليس لدينا اي خيار آخر .الحزب الدستوري الحر الذي حرر البلاد و ساهم في بناءها كان يضم يساريين و قوميين و عروبيين و ضم حتى أسماء كبيرة في تاريخ تونس مثل فرحات حشاد .لا بد أن يعي ” الدساترة” أنهم غير قادرين على أن يكونوا وحدهم في المشهد و لا على بناء حركة سياسية لوحدهم و عليه يجب أن يكونوا منفتحين على كل الوطنيين . فلا بد من وجود حزب قوامه” الدساترة” و مرجعيته دستورية و منفتح على كل التيارات السياسية و أعتقد أن التجميع سيحصل قريبا فهناك محاولات على شكل جلسات و لقاءات. نحن لا نستطيع أن نترك تونس تتخبط في مثل هذه الوضعية لمدة أطول يكفي ما بقينا على الربوة .إما أن يفتح الحزب الدستوري الحر أجنحته ليحتضن “الدساترة” او أن يتم تكوين تنظم جديد في شكل حزب دستوري وطني ديمقراطي؛ اللقاءات لم تأخذ بعد البعد الجدي المطلوب لأن الرؤية السياسية لمشروع الرئيس قيس سعيد لم تتضح بعد. إضافة الى انه وسط هذا المستنقع لا يمكن أن نبنى حزبا لكن بعد أن تتوضح الأمور بعد فترة زمنية معينة يمكن الحديث عن البناء و التأسيس فالمشهد السياسي اليوم ضبابي جدا.
✓ كيف تقييم تجربة عبير موسي السياسية اليوم و لو لديك نصيحة لها في ما تتمثل ؟
عبير موسي هي اليوم قادرة أن تستقطب وفق رؤية معينة و منهج واضح و لديها خطط عمل و تعتمد على خطاب سياسي واضح فما وعدت به تسعى لتنفيذه لكن هل هي قادرة على المواصلة بهذه الطريقة ذاتها؟ و هل توجهها يمكن أن يكون ناجعا في الفترة القادمة؟ لأن السياسة عبارة على عملية شد و جذب و يجب أن يتوفر في السياسي حد ادني من الليونة و الكثير من الذكاء في التعامل خاصة أننا مازلنا بعيدين على للانتخابات و استبعد أن يكون 17 ديسمبر تاريخ للانتخابات القادمة.
✓ في إحدى تدويناتك أكدت على أن اليسار خدم مصالح حركة النهضة سنة 2011 و في الآونة الأخيرة توجه نحو خدمة رئيس الجمهورية لماذا اختزلت تجربة اليسار الذي احتفل مؤخرا بمرور قرن على ظهور نواته الأولى في تونس في هذه النقاط التي تحتمل أكثر من موقف؟
أنا اعتقد أن اليسار في تونس انتهى لأن اليسار التونسي بقي رهين شعارات السبعينات و الثمانينات و الصراعات بوسط الجامعات فقط لا غير: لم نرى يسارا يبنى و أعتقد أن من أسباب الأزمة التي تتخبط فيها تونس هو اليسار لأنه في القصبة 1 و 2 هو من سلم البلاد لحركة النهضة و به تكون المجلس التأسيسي . مثلا النهضة كانت أقلية ضمن هيئة تحقيق أهداف الثورة.. و اليساريين كانوا أغلبية لكن حركة النهضة تصدرت المشهد و كتبت الدستور و سيطرت على مفاصل الدولة .
✓ حسب تقديراتك ما الحل اليوم للخروج من الأزمة في تونس؟
الأزمة جلية وواضحة و تعمقت أكثر بعد تأزم الظرف الاقتصادي و الاجتماعي و بعد تضييقات و شروط صندوق النقد الدولي الحل اليوم في حوار وطني يجمع كل الوطنيين محبي هذه البلاد لأنني أؤمن أن من ساهم في دمار تونس غير قادر على بناءها . أنا لست إقصائي لكن يمكن اليوم أن نذهب في حوار وطني دون أن تكون حركة النهضة طرفا فيه .حوار وطني يجمع المنظمات و القوى الفاعلة في المجتمع الوطني و الأحزاب السياسية .الرئيس لديه موقف من حركة النهضة و من الحوار هذا شأن يعنيه لكن” تونس لا تقف على حركة النهضة أو على رئيس الجمهورية” . على أبناء تونس أن يلتفوا لإنقاذها و لا خيار لنا غير الحوار فتونس لا تبنى بفكر شخص واحد و رؤية أحادية و التجربة خير دليل
✓رسالتك لكل من للعائلة الدستورية و لرئيس الجمهورية قيس سعيد
بالنسبة للعائلة الدستورية أقول انه أن الأوان بعد 10 سنوات و بعد كل هذه التجارب الفاشلة أن تتحرك فيكم نخوة حب البلاد فرغم كل الأخطاء في حكم “الدساترة” لكن بصمتكم في بناء تونس موجودة ” متخلوش تونس هكاكة ” لابد من وقفة تأمل و اللحظة ليست بعيدة لتجمع الدستوريين مع كل الوطنيين الذين نشترك معهم في الرؤي و التصورات و هم كثر .
أما بالنسبة لرئيس الجمهورية فأقول لحظة 25 جويلية أعطت أمل كبير للتونسيين و نتمنى أن يعود الرئيس لهذه اللحظة و يراجع نفسه بخصوص ما وقع ما بعد 25 جويلية. و أقول له أيضا تونس لا يمكن أن تبنى بك وحدك بل بكل التونسيين و الكفاءات ففكر في مصالحة وطنية ترعاها أنت. فدون مصالحة لست قادرا على بناء تونس بالإقصاء و أعيدها و أكررها تونس لا تبنى بالإقصاء تونس لا تبنى بالإقصاء و نحن مع رفع شعار مقاومة الفساد و مع الضرب على يد كل من تسول له نفسه أن يغدر بتونس أو يخونها أو يفقر شعبها .
الفساد وجد قبلك و معك و قبل منظومة 25 جويلية و يمكن أن نجده مستقبلا و يجب أن تعرف أن الوطنيين الشرفاء وجدوا كذلك في النظام السابق و مع منظومة 25 جويلية و معك أيضا .