بعد عام ونصف من توقف العمليات العسكرية في ليبيا، توقفت بدورها وسائل الإعلام عن نشر تقارير عن الوضع الإنساني وعن معاناة الليبيين من الصراع الدامي الذي كان جاريًا آنذاك،
وبدأ العالم يعتاد على تلقي تقارير سياسية وغير عسكرية عن الوضع فيها. وعلى الرغم من التقدم البطيء لعملية التسوية السلمية للأزمة، فهذا في حد ذاته يعتبر إنجازًا كبيرًا. ودفع المجتمع الدولي للموافقة على أي خيار يمنع تجدد النزاع المسلح، لكن ومع ذلك، الهدنة أصبحت فجأة في خطر.
يُذكر أنه في ليبيا هناك طرفان أساسيان متحاربان، هما قوات خليفة حفتر، الذي يسيطر على شرق ليبيا وجزءًا من جنوبها، وحكومة الوحدة الوطنية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تتحكم بغرب البلاد وتحظى بدعم الولايات المتحدة الأمريكية و اوروبا، والتي تُعتبر خلفًا لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، والتي كانت على رأس السلطة أثناء المواجهات العسكرية بين الطرفين.
وأحرزت الحكومة الحالية بعض التقدم في ملف توحيد مؤسسات الدولة، ومع ذلك، لم تقترب خطوة واحدة من توحيد المؤسسة العسكرية، وعلاوة على ذلك، لا يوجد حتى الآن وزير دفاع في ليبيا؛ ويشغل هذا المنصب رئيس الوزراء الدبيبة بنفسه. يُشار إلى أن التزام حفتر، باتفاق وقف إطلاق النار وعدم اختراقه لخط الفصل سرت – الجفرة – براك، سهل لحكومة الدبيبة بتحقيق بعض مهامها. ومع ذلك، يبدو بأن الاتفاق يقترب من نهايته. وبالنسبة لأولئك الذين يتابعون الوضع في ليبيا، لا يخفى عليهم أن القوة العسكرية لحفتر تعتمد فقط على الدعم المالي والعسكري من الخارج.
حيث ياتي الدعم المالي في المقام الأول، والدعم اللوجستي بعده، من خلال جذب المرتزقة من مختلف البلدان لدعم صفوف مقاتليه. ولكن لم يكن المرتزقة السودانيين والسوريين والتشاديين من يشكل محور الدعم العسكري لحفتر، بل مجموعة “فاغنر” الروسية. كانت هذه الشركة العسكرية الخاصة ضمن الهجوم على طرابلس في عام 2019 من قبل قوات خليفة حفتر، وتطلب إيقافها تدخلاً كاملاً ومباشرًا من الجيش التركي.
بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مجموعة فاغنر، طائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي، مما يوفر لحفتر غطاء جوي مريح للغاية فوق رأسه. ومع ذلك، انتشرت مؤخرًا تسريبات تتحدث عن بدء استعدادات فاغنر لسحب قواتها من ليبيا، الأمر الذي أثار فضولاً كبيرًا حول أسباب هذا التحول في الأحداث.
يرى عديد المراقبين أن إنسحاب فاغنر، سيضعف قوات حفتر وسيجعل الجانب الشرقي لليبيا منه ضعيفًا للغاية بدون أنظمة الدفاع الجوي وطائرات الدعم التابعة للقوات الروسية. هذا الأمر سيجعل حفتر ضعيف و لن يكون قادرًا على التأثير على الأحداث في ليبيا. بالإضافة إلى أنه إذا استمرت أزمة توقف صرف مرتبات قوات حفتر، سيؤدي ذلك إلى حدوث انشقاقات واسعة في صفوفه، وقد تؤدي إلى انقلابهم على حفتر نفسه.