في ظل التجاذبات السياسية التي عرفتها البلاد منذ اجراءات 25 جويلية ، بات من الصعب الحسم بين مؤيدي الرئيس والأحزاب السياسية والمنتقدين له مما أدى الى ارتفاع نسق التوتر كما لم يسبق له مثيل منذ عام 2011 ففي حين يرى البعض ان هذه التدابير الاستثنائية في محلها يذهب البعض الاخر الى تسميتها بـ “الانقلاب” على الشرعية و للاقتراب أكثر و تبسيط هذه الرؤى كان لـ 24/24 الحوار التالي مع الناشط السياسي جوهر بن مبارك. .
تقييمك للمشهد السياسي اليوم في تونس ؟
أغلبية لمشهد السياسي و المدني صار مقاوم للانقلاب و بدأ يتوحد شيئا فشيئا حتى و ان كان ميدانيا فقط فانطلاقا من يوم 14 جانفي هناك تغير نحو تشكل جبهة سياسية من أجل مقاومة الانقلاب و هذا المهم بالنسبة لي بعد 6 أشهر من تاريخ الانقلاب أفرزت هذه الفترة قوة سياسية معارضة و هذا لا يزيدنا الا اصرار على التأكيد أن الشعب لن يكسب شيئًا من الانقلاب ولن يحصد منه سوى مزيد من الفقر ولن يجني منه الّا خيبة اخرى مضافة لخيبات سابقة وقوس مزعج آخر سيمرّ ولن يترك سوى المرارة حسرة على الوقت المهدور و الأجيال التي أعطيت قرابين للكراهية والأنانية والعبث وذهاب العقل. لكن الديمقراطية المغدورة في مهدها ستعود بعد زوال الانقلاب وقد نبتت لها أظافر. هكذا يشتغل الذكاء الجمعي وهكذا بنيت الديمقراطيات الصلبة الناجحة التي انتجت الرخاء في مجتمعات قوية ومنتظمة.
و لا نغفل على ذكر بعض القوى السياسية الضعيفة التي دأبت في فكرها على مباركة و مساندة كل الانقلابات على غرار حركة الشعب و بعض الأشخاص المحسوبين على القومية التي مازالت تتركز على الانقلاب و تلهث وراءه الظفر بنصيبها في منظومة الانقلاب رغم ان المنقلب لا يستشيرها و لا يعيرها أي اهتمام يذكر. بالاضافة الى عبير موسي التي تريد العودة الى المشهد من جديد من خلال التقرب باعتبار ما قام بيه سعيد انقلاب خفيف.
و خلاصة القول حكم فردي مطلق، دولة بوليسية تدهس حقوق الإنسان و الحريات الأساسية، آلة دعائية رخيصة، معارضة كرتونية تبرّر، ومقاومة ديمقراطية صامدة بجسدها. هذا هو المشهد التونسي.
تحدثت بعد وفاة رضا بوزيان عن تعرضه للعنف يوم 14 جانفي هل هناك اثباتات ؟
ارتقى يوم 19 جانفي بمستشفى الحبيب ثامر بالعاصمة شهيدا المرحوم رضا بوزيان مُتأثّرا بجراحه جرّاء تعنيفه وسحله من قبل البوليس يوم 14 جانفي خلال مظاهرة الاحتفال بعيد الثورة ومواجهة. وقد عُدّ الشهيد من المفقودين منذ يوم المظاهرة دون تمكين عائلته وهيئة مناهضة التعذيب والمحامين والمنظمات الحقوقية من معرفة مصيره ومكان اختفائه .
. وقد ارتقى وهو في ساحة الدفاع عن الحرية والديمقراطية، بالشهيد عبد الرزاق لشهب الذي ارتقى في ساحة الدفاع عن الحق في بيئة سليمة تليق بإنسانية الإنسان أثناء الاحتجاجات الاجتماعية بمدينة عڤارب.
وعلى إثر هذه الجريمة النكراء التي تضاف إلى سجل الانتهاكات الجسيمة للحقوق والحريات التي ما فتئت ترتكبها سلطة الانقلاب، يهم مواطنون ضدّ الانقلاب و المبادرة الديمقراطية أن تؤكّد على
تحميل سلطة الانقلاب المسؤولية الجنائية في هذه الجريمة النكراء و الدعوة إلى تتبّع الجناة أمام القضاء التونسي ومحكمة الجنايات الدولية و نحن من جهتنا سنسعى الى اثبات الحقيقة كاملة كلفنا ذالك ما كلفنا. .
قراءتك لاستقالة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة في هذا الوقت بالذات ؟
ادارة قصر قرطاج ادارة غامضة فوضوية و هذا ليس بالجديد و لكن بات اليوم واضح وجود صراع اجنحة و معركة فساد ستنتهي قريبا و هذا مصير كل من يرغب في التفرد بالرأي و بالسلطة و استقالة مديرة الديوان الرئاسي تؤكد بداية نهاية سلطة الانقلاب فالمتعارف عليه ان هذه الاستقالة في هذا التوقيت بالذات دليل على فشل سعيد حتى في الاحتفاظ بالمقربين على غرار نادية عكاشة و سينفض الكثير من حوله قريب لان لا مشروع سياسي واضح له و لا رؤية اقتصادية و لا حلول اجتماعية تذكر
موقفك من ملف نورالدين البحيري؟
إنّ إيقاف السيد نور الدين البحيري يتجاوز بعده القانوني والحقوقي ليمثل محاولة يائسة لتغيير عنوان المعركة بين القوى الديمقراطية من جهة و سلطة الانقلاب من جهة اخرى لتصبح استقطابا ثنائيا بين النهضة وقيس سعيد وتلك محاولة منه لاستعادة الهاربين من سفينة 25 جويلية، كما يمثل اختطاف السيد البحيري محاولة لإرباك المشهد السياسي ومنع ظهور جبهة ديمقراطية واسعة مناهضة للانقلاب.
إنّ استهداف القضاء وتهديده وإخفاء الناس قسريا واختلاق الاستقطاب الثنائي دليل حيرة وعجز وشكلا من التغطية على فشل الانقلاب السياسي والاقتصادي الذريع الذي تجلى في قانون المالية وتداعياته الاجتماعية. إنّ هذه الممارسات تزيدنا يقينا بأنّ ما حدث منذ 25 جويلية هو انقلاب فج على الديمقراطية لن يزيدنا إلاّ إصرارا على مواصلة مقاومة هذا الانقلاب البغيض واستعادة المسار الديمقراطي فالوضعية الصحّية لنورالدين البحيري خطرة جدا. سلطة الانقلاب التي تختطفه وتحتجزه قسرا دون وجه قانوني ترتكب جرما ومسؤولة عن روح بشرية سيحاسب عن ذلك حساب العدالة و القانون الوطني و الدولي كلّ من قرّر وكل من نفّذ أو شارك.
هل من حلول اقتصادية تقترحها الجبهة السياسية التي تحدثتم عن تشكلها ؟
الأزمة في تونس ليست مالية بقدر ماهي اقتصادية و هذا نتاج فشل الحكومات السابقة على امتداد 10 سنوات التي كرست منظومة الامتيازات و الولاءات التي نعتبرها الداء الأكبر بصياغة منظومة اقتصادية مغلقة حول تغول بعض العائلات على أكثر من 80بالمائة من الثروة الوطنية و تجميد الاقتصاد و جعله رهين ماضي لا يواكب التطورات الاقتصادية في العالم و الاخفاق الكبير الذي زاد الطين بلة هو التوافقات السياسية كلها كانت من أجل المحافظة على اقتصاد الضيعة الذي أغلق أبواب الاستثمار اما الشباب و الجهات و بقي يخدم طبقة سياسية معينة مما أدى الى اخفاق الانتقال الديمقراطي و ذلك بربط مصير كل الحكومات بضمان ديمومة بقاء ثروة و ثراء هذه العائلات التي تسيطر على الثروة في تونس و هذا ما أدى الى الانقلاب ..و لعل القاسم المشترك بين كل الحكومات المتعاقبة هو عدم المساس بمصالح العائلات الارستقراطية و هو ما خرب الاقتصاد على جميع المستويات و أوصلنا الى ما نحن فيه من مديونية و عجز و ان لم تتوفر ارادة سياسية شجاعة في مجابهة هذه اللوبيات فلن يتغير حال البلاد و لن تحل المشاكل بل ستزداد.
قراءتك لمخرجات لقاء قيس سعيد بالطبوبي لا سيما بعد جملة الاضرابات التي تم تنفيذها مؤخرا؟
لقاء الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل برئيس الجمهورية شخصيا اعتبره لقاء فاشل و ذر رماد على العيون و لم يكون سوى دليل عل ارباك قيس سعيد و هروبه باتجاه الاتحاد لفك العزلة التي تحاصره خاصة بعد المظاهرة التي شهدتها العاصمة يوم 14 جانفي احتفاءا بعيد الثورة .مباشرة هرع سعيد ليتحدث الى الطبوبي كما فعل من قبل
رئيس مجلس النواب المجمدة أعماله منذ 25 جويلية دعى الى جلسة عامة ما تعليقكم على ذلك ؟
شخصيا اعتبرها دعوة متأخرة لأنه من المفروض كان على النواب التحرك قبل هذا التاريخ لكنها دعوة ناجحة و جيدة تكرس لشرعية البرلمان و اما بالنسبة لراشد الغنوشي و مسألة بقاءه على رأس البرلمان من عدمه فهذا يبقى شأن خاص بالنواب الشرعيين .
هل من تحركات في الايام المقبلة ؟
أعلنا عن تحرك يوم 30جانفي احياءا لذكرى صياغة الدستور بقابس و في العديد من ولايات الجنوب بالإضافة الى تحرك في سوسة احتجاجا على طريقة وفاة الشهيد رياض بوزيان الذي وافته المنية اثر الاعتداء عليه يوم 14 جانفي يوم عيد الثورة التونسية . و لا ننسى اللقاءات الدورية مع العديد من المنظمات و الاحزاب لتشكيل جبهة قوية قادرة على المواجهة في الأيام القادمة.
حاورته يسرى حطاب