أمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي عثمان الحاج عمر لسعيّد : سياسة “الفارس الوحيد” لن تجعلك تكسب الحرب ..فاستعن بهؤلاء

حاورته : إيناس المي

التقت جريدة 24/24 بأمين عام حزب البعث العربي الاشتراكي عثمان الحاج عمر حيث تم الحديث عن جملة من الأحداث الآنية السياسية منها و الاقتصادية و كذلك الاجتماعية مثل قانون المالية الاستشارة الشعبية السياسة الاتصالية لرئيس الجمهورية و غيرها من المواضيع تجدونا جميعا في الحوار التالي :

* تقييمك للإجراءات المتعلقة بقانون المالية 2022 التي تم الإعلان عنها مؤخرا من طرف الفريق الحكومي لنجلاء بودن

قانون المالية لهذه السنة 2022 أنجز خارج السياقات المتعارف عليها لاول مرة في الجمهورية منذ 1959 لليوم في ظل غياب مشاركة واسعة داخل اللجان و لدى الراي العام هذه المرة ؛ مع الظروف الاستثنائية التي تعيشها تونس هذا القانون لم تقم الإدارة فقط بالاشتغال عليه دون سواها بل لم يحظى بمواكبة الرأي العام الواسع و الراي العام الحزبي و السياسي مما لم يفسح المجال للتقييم الكافي و بقي الاقتصار على العموميات اي اننا مقبلين على سنة 2022 ب8 مليارات عجز و ان نصف الميزانية غير متوفر و ان الموارد لتعبئة الميزانية غائبة و هي مرتكزة بالاساس على الأجراء و المستهلكين. فلم نلاحظ ضرائب على الثروة او مراجعة الضرائب بالنسبة للاعمال الحرة “.للاسف مزال مبكرا الحديث عن عدالة جبائية في تونس لأنه للان ميزانية الدولة تأخذ من المواطن البسيط و تقدم امتيازات للطبقات الميسورة من خلال الدعم و عدد من الامتيازات الاخرى. لم نرى اصلاحات هيكلية و سنبقى على هذه الحال طالما يتم تاجيل الاصلاحات منذ 2012 لن يحل المشكل بل يمكن ان يفاقمه و يمكن ان نصل الى عدم مقدرة المواطن اقتناء حاجياته الضرورية .ننتظر تصورا و برنامجا واضحا و رؤية ان ننطلق في المسار الاصلاحي لان مسار الألف ميل يبدا بخطوة على تكون لدينا فكرة عامة عن المسار النهائي كيف يمكن ان يكون.

*ما هي حسب تقديرك الملفات الحارقة التي على حكومة نجلاء بودن ايلاءها كل الاهتمام؟

هناك مجالين يجب على حكومة بودن ان تنكب عليهما و هما المجال الاقتصادي و الاجتماعي لأنه لا يمكن اعطاء وعود واهية للناس و تحميل الماسكين بزمام الامور في السابق كل المسؤولية بل يجب على الحكومة الحالية تحمل المسؤولية في عدد من الملفات من ذلك ملف القانون عدد 38 . فأنا أرى الغاء القانون و ايقاف العمل به بهذه الطريقة أمر مضر لأنه تلاعب بامال الناس و اكثر ما يحرك التونسيين هو ملف البطالة رغم أنني لا اعتقد انه كان سيقدم الكثير من الحلول .بعد 11 سنة من الثورة لم نتقدم خطوة هامة في حل مشكل البطالة فهذا المشكل لا يمكن ان يحل بالانتداب في الوظيفة العمومية فقط فالدولة اوقفت الاستثمار و من ميزانية بقرابة 50 مليار تم تخصيص 4 أو 5 مليارات فقط للتنمية اغلبها لتمويل مشاريع سابقة فكيف ستدور عجلة الاقتصاد؟ أما بالنسبة للقطاع الخاص فاي عدم استقرار سياسي يمكنه من الحصول على الاستثمار.فلماذا نستغرب من حالة الياس لدى الشباب و توجههم نحو الهجرة؟ كل هذه العوامل تنبئ بعديد الأخطار.

الدولة عليها ان لا تهمل ايضا التشغيل و التنمية و تسعى لايجاد الحلول في الاثناء من واجبها ايضا معالجة بعض المؤسسات مثل “التونيسار” و “الشومينو” و “الاس أن ت” التي كانت تدر أرباحا هامة و صارت للأسف تعاني صعوبات خانقة. و يجب ان لا تتغافل الحكومة عن ملف المحاسبة فالحديث عن الفساد في تونس منذ 2010 صار بالارقام و بالاسماء .أنا لست مع ادخال الناس للسجون و لكنني مع المحاسبة في اطار محاكمة عادلة لكشف الملفات حيث تتم عملية الغربلة المنتظرة. و من الضروري محاسبة قتلة الشهداء مثل شكري بلعيد و محمد البراهمي فمن المخجل ان نسمع بفتح تحقيق في وفاة الراحل الباجي قائد السبسي و اصدار حكم في قضية لم يمضي عليها وقت بعيد ضد بشرى بالحاج حميدة و قضايا بثقل قضيتي الشهيدين تراوح مكانها .

*بعد مرور أشهر عن الإعلان عنها هل لك أن تقييم لنا اليوم إجراءات 25 جويلية بين الايجابي و السلبي ؟

تطبيق الفصل 80 للدستور هو حل يشبه الابداع لأزمة النظام السياسي التونسي لانه لم يوضع “الفصل 80” لحل منظومة الأزمة السياسية بل لكي يواجه الخطر الداهم لكن الابداع ان رئيس الجمهورية استغل فصلا لا ينص على الاصلاح للنظام الدستوري و حوله بفعل تقييمه و تقديره للخطر الداهم الي فصل مفتاح يمكن من خلاله إصلاح النظام السياسي و النظام الدستوري ككل .حيث اعتبر رئيس الجمهورية بان الأزمة ناتجة عن المنظومة الدستورية نفسها “البرلمان و الحكومة”و قد تحلى بالشجاعة و الجرأة و قام بحل الحكومة و تجميد مجلس نواب الشعب و هذا إبداع من الناحية القانونية . اما المرسوم الذي تلى إجراءات 25 جويلية فهو تتمة له و كان يمكن لقيس سعيد ان لا يفصـِل و لا يعدد المجالات التي سيشرع فيها .لكن العديد من الاطراف كانت ضد المرسوم معتبرة اياه حالة خاصة في حين ان قيس سعيد كان قد نص على ما جاء في المرسوم في إجراءات 25 جويلية و المشكل هنا في النخبة السياسية و قياداتها التي تفتقر لفهم القانون مع غياب التكوين في الجانب القانوني و غياب المصداقية السياسية . و دون التطاول على رؤساء الاحزاب اريد الحديث على المستوى العلمي و التمرس في القوانين ؛الذكاء السياسي و التجربة السياسية فمن سوء الحظ في تونس نجد احزابا على راسها “استاذ تعليم ثانوي عدل منفذ ..” هذه هي الاحزاب في تونس متمسكة بقراءة خاطئة وقع طرحها في اطار اجندة” خلق ازمة و العيش عليها”و تأزيم الأمور كما يقول رئيس الجمهورية دون فهم منهم ان 22 سبتمبر مجرد فاصلة في اجراءات 25 جويلية . و هناك من يتحدث عن انقلاب متسائلا كيف يغلب الامر الدستور ؟ متناسين ان الظروف الاستثنائية تعطي للسلطة كل الصلاحيات الممكنة كي ترجع الامور الي نصابها اما النقاط السلبية فما نعيبه على قيس سعيد اليوم انه لم يتشاور مع الخبراء المنظمات الاحزاب هذا ما جعله يخسر الوقت و يكتفي بالمشي خطوة خطوة حيث هو بنفسه من يبتكر وحده الحلول و هذا ما استغلته المنظومة القديمة لخلق تقنيات جديدة للتحرك بعد محاولاتهم الاستقواء بالاجنبي و اقامة مسيرات و الضغط عن طريق الشارع ؛اليوم يلجؤون للاعتصام و اضراب جوع .كل هذا كان ممكن تفاديه لو تعاون الرئيس مع اناس اعترفوا ب25 جويلية كمحطة يمكن استغلالها لاصلاح الوضع السياسي و الاقتصادي في تونس .لكن بقاءه منغلق على نفسه ورفضه للحوار و التشاور مع القوى السياسية و الخبراء و المنظمات جعله يضيع الكثير من الوقت لكن ما عدى ذلك رئيس الجمهورية مصيب في تمشيه. فبتاريخ 13 ديسمبر خيرا فعل اذ قدم خارطة للطريق قبل 17 ديسمبر لان الاطراف المعارضة كانت تخطط في هذا التاريخ للقيام “بمناحة” على الثورة و الدستور …و الدليل على ذلك ان يوم 17 ديسمبر لم يجد هؤلاء ما يصرحون به و تجدر الإشارة ان الخريطة التي قدمها سعيد معقولة جدا و طريقة العمل جيدة.

*ما قراءتكم للسياسة الاتصالية لرئيس الجمهورية قيس سعيد ؟

قيس سعيد يكاد يكون بلا سياسة اتصالية و اعتقد انه ما يزيد الامر سواءا هو الراي العام الدولي فلو قام قيس سعيد بعملية شرح و تواصل مع الدول الاجنبية لما كان موقفها على ما هو عليه الان .فضرورة ارسال مبعوثين اكفاء قادرين على خدمة مصالح تونس مع عقد ندوات صحفية بالخارج أمر جد هام . على مستوى الداخل هو ليس فقط لا يتحاور مع غيره بل هو دائم الاشتباك معهم مجانا و في كل ظهور اعلامي الا و علق و اجاب زيدا او عمرا و هذا في حد نفسه يصغره كرئيس دولة . كما ان التطرف في الموقف في حد ذاته يضعف الحجة و تقديم قصص غير مؤلوفة للراي العام يمكن ان يولد خوفا او فقدانا للمصداقية و هذا مضر للسياسة التواصلية لرئيس الدولة فهذا المنصب يجب ان يكون لصاحبه لسان سياسي لسان قادر على التحاور و تبليغ المعلومة و الرؤية و الفكرة للراي العام الوطني و هذا ما سبب لسعيد خسارة كبيرة.

*هل الحوار اليوم هو مخرج للازمة ؟ و ما رايك في تطبيق فكرة الاستشارة الشعبية ؟

اختار قيس سعيد ان يتحدث مع الجميع من خلال المنصات الالكترونية لا احد قادر على منعه كرئيس دولة من استعمال هذه الطريقة المعتمدة في عديد دول العالم و هذا من حقه .كما اكد سعيد انه سيتحدث مع الجميع في اجتماعات بالمعتمديات و هذا امر جيد و اكيد ان هناك اناس ستشرف على هذه الاجتماعات و اخرى مدعوة على مستوى المعتمديات كي تشارك .لكن المشكل هنا هو من سيشرف على هذه الاجتماعات و من سيلخص محتوى هذه الاجتماعات و المعطيات التي ستقدم على مستوى المنصات. الالكترونية. ويجب الاشارة ان الاحزاب الداعمة ل25 جويلية مقصرة فكان من المفروض انها لا تقف على تتبع خطوات الرئيس و تؤيد قرارات و تصمت على قرارات اخرى بل كان عليها هي نفسها ان تكوِن جسما سياسيا تعلن فيه عن نفسها و تبلور هي بنفسها رؤيتها للاصلاح “الدستور و القانون الانتخابي “و تعرضها لان عمل اللجنة سيكون شفاف امام الراي العام الذي يجب ان يكون مسلحا بما ستعرضه القوى السياسية من افكار و خطط للعمل و يجب ان تضغط على رئيس الدولة كي تكون اللجنة متنوعة تحمل مختلف الافكار و الرؤى الاجتماعية و السياسية .

*هل البلاد اليوم ذاهبة نحو الطريق الصحيح حسب رايك؟

من حيث العزم و الارادة للذهاب نحو الاتجاه الصحيح أنا انزه رئيس الجمهورية انه يرغب في التوجه للاتجاه الصحيح لكن المشكل في الطريقة هل نحن نتجه الى الطريق الصحيح بسرعة أم بتكاليف أما كان بالامكان تفادي عديد من الأمور. الامكانيات موجودة في تونس ورغم ما مر عليها من ازمات فهي صامدة رغم كل الصعوبات. و اعتقد ان هناك مجالين يجب العمل عليهما على المدى البعيد لتحسين ظروف الحياة في تونس و هما الفلاحة و الصناعة الذي يمثلان 30% من الناتج الداخلي الخام. فلماذا لا يتم العمل على تطويرهما ليصبح لدينا اقتصاد منتج و يتم خلق الثروة و مواطن الشغل و الرفاه العام.لان الاقتصاد الخدماتي لا يمكن ان يقدم الاستقرار المطلوب لبلادنا . صحيح أنني قومي و عربي لكن هناك وحدة حقيقة اقرب يجب تطويرها لتشمل الفلاحة و الصناعة و حتى مناهج التعليم و هي الوحدة التونسية الجزائرية و التونسية الليبية . كما يجب ان نهتم اكثر بقطاعي الصحة و التعليم لما يعانيانه من غبن و هيمنة للقطاع الخاص.

*لماذا لا نسمع لحزبكم صوت و لا تحرك يذكر في الساحة السياسية هل هو اختيار منكم ام هناك ما يحول دون ذلك ؟

اولا هناك تردد داخل الاحزاب وقد اجتمعنا مع حركة الشعب و التيار الشعبي و تونس للامام و الوطد و الجبهة الشعبية الوحدوية و اتفقنا على عديد من الخطوط العريضة و هناك من خير الانسحاب مثل المسار و الحزب الاشتراكي و قد حضر معنا الاتحاد الوطني للمراة المحامون الشبان و التردد يكمن في هل نعلن عن تشكل كيان يجمع هذه القوى ام لا ؟. و بقي تحركنا فردي و لو استمعتم لخطاباتنا فانننا نكاد نكرر بعضنا البعض و لكن هذا الكلام لا وزن له الا اذا كان صادرا عن كيان يجمع هذه القوى . بالنسبة لحركة البعث هناك نوع من الحصار الاعلامي فبيانات الحزب و مقترحاته لتجاوز الازمة تصل لكل وسائل الاعلام في الإبان ولكنها لا تقدم للراي العام في حين تتابع عدد من وسائل الاعلام تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي لشخصية ما و تأخذها بالدرس و التحليل. ربما لاننا حزب عقائدي و حزب قومي يطرح اشكاليات في علاقة بالاستعمار ايران تركيا ربما . او ربما اعلامنا مخترق او تعود على العمل بطريقة معينة بعيدا عن إثارة المشاكل. و بكل تواضع هناك تصريحات قمت بها لا يمكن للبعض حتى الرد عليها لانها كلام منطقي و قائم على حجج .

*ماهي الشخصيات التي يريد عثمان الحاج عمر ان يبعث إليها برسائل مع بداية سنة 2022 ؟

رسالتي الاولى لرئيس الدولة قيس سعيد فأقول له سياسة الفارس الوحيد لن تجعلك تكسب الحرب و بالتالي عليك ان تنفتح عن ما اسميتهم انت بالوطنيين الصادقين لصناعة مستقبل تونس لأن البلاد ليست قطاع خاص و حكر على أحد دون آخر و عليه يجب ان يشارك الجميع في ابداء رايه و المساهمة في رسم المستقبل. الرسالة الثانية لرئيسة الحكومة نجلاء بودن أقول لها : أغلب فريقك الحكومي من ابناء الادارة و يجب ان تكون سياستك متجهة نحو تنقية الادارة من الفساد مع العمل على تطوير مسالة الرقمنة كي يشعر التونسي بالانتماء . رسالتي الثالثة للإعلام : الاعلام اما تعددي أو لا يكون فاعلام البوز و الأصحاب و’ الشلل’ليس اعلاما ديمقراطي موضوعي تعددي يديره مختصون . بناء دولة ديمقراطية ناجحة ليس فقط بيد قيس سعيد أو نجلاء بودن بل بيد كل فاعل اجتماعي سياسي في البلاد و الصحفي هو أحد أهم هؤلاء الفاعلين لأنه يستطيع فرض إرساء التعددية في المشهد العام. ✓هناك نوع من الحصار الاعلامي على حزبنا ✓يجب على الاحزاب المساندة لاجراءات 25 جويلية ان تتحد ✓تطبيق الفصل 80 هو حل يشبه الابداع لأزمة النظام السياسي التونسي ✓ الاعلام يجب ان يكون تعددي أو لا يكون ✓ الوحدة التونسية الجزائرية الليبية صارت ضرورة ✓ مخجل ان يراوح ملف قضيتي الشهيدين بلعيد و البراهمي مكانه.

Related posts

الديماسي: “وجب تجنب التسول من البنوك الأجنبية”

سنية خميسي

حمة الهمامي : ” نندد بالتتبعات القضائية ضد السياسيين وصندوق النقد الدولي مؤسسة نهب “

Anissa Taha

العجمي الوريمي : “رئيس الجمهورية لديه أولويات أخرى غير البلاد “

root