مازالت وضعية الصناديق الاجتماعية تثير جدلا واسعا في الأوساط التونسية، حيث تلكأت الحكومات المتعاقبة في إصلاحها ومعالجتها بما يتلاءم ومصالح الفئات الشعبية وتهاونت الدولة في وضع استراتيجيات واضحة لتغييرها مما جعل عجزها المالي يتفاقم.
واعتبر الخبراء أن هذه الصناديق تفتقر إلى تخطيط وبرمجة واضحة من قبل السلطات مع انفجار كبير في عدد المتقاعدين والمشتركين و اعتبروها عديدة أسباب تأزمها منها اقتصادية و اجتماعية و حتى سياسية و كثيرة هي الحلول و لمعرفتها تحدثتا الى أهل الذكر في هذا المجال.
تأخر الدولة في صرف ديونها عمق ازمة الصناديق الاجتماعية
قال الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المسؤول عن التغطية الاجتماعية والصحة والسلامة المهنية عبد الكريم جراد في تصريح لـ24/24 إن الدولة ساهمت بطريقة غير مباشرة في تدهور الوضعية المالية للصناديق الاجتماعيةوبين جراد ذلك عبر عدم اتخاذ الدولة إجراءات الإصلاح اللازمة في الوقت اللازم مفيدا بأن أزمة الصندوق الوطني
للتقاعد و الحيطة الاجتماعية بدأت سنة 1993 مشددا عل أن الاصلاحات بدأت فقط سنة 2019 بوضع القانون عدد37 لسنة 2019 المتعلق بالترفيع في سن التقاعد في القطاع العمومي و توظيف مساهمات اجتماعية تضامنية بنسبة 2 بالمائة على المشغلين و بنسبة 1 بالمائة على الشغالين .وشدد جراد على أن هذا الإجراء أسهم فعليا في تسجيل مداخيل إضافية بقيمة 500 مليون دينار لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أدت إلى تقليص حجم ديونه إلى 197 مليون دينار خلال سنة 2020 في حين بلغت ديون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 1090 مليون دينار.
وقال جراد إنه لم يقع اتخاذ أية اصلاحات لفائدة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي معتبرا أنه مع كل تأخير في اتخاذ الاجراءات تصعب الحلول والاصلاحات منتقدا في السياق ذاته تأخر صرف الدولة لديونها لفائدة الصناديق الاجتماعية بالإضافة الى عدم صرفها لمساهماتها خاصة للقطاعات المدعمة كشركات النقل مثلا و هذا مرتبط بتأخر صرف الدعم الذي تتلقاه هذه الشركات من ميزانية الدولة و على سبيل المثال
شركة التي بلغت ديونها أكثر من 250 مليار و التأخير يولد عجزا مستمر SNTRI
وشدد جراد على أن الصندوق في حاجة لسيولة أسبوعية تقدر ب40 مليون دينار لمواصلة تأمين خدماته لفائدة منظوريه الاجتماعيين ومسدي الخدمات
6700 مليون دينار ديون الكنام
و في ذات السياق أكد مصدر خاص ل24/24 أن ديون الصناديق الاجتماعية لفائدة الصندوق الوطني للتأمين على المرض “الكنام” بلغت إلى حدود شهر نوفمبر 2021 أكثر من 6700 مليون دينار متوزعة بين 4800 مليون دينار بذمة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي و1900 لدى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية.
مما أدى إلى عدم خلاص مستحقات الكنام من طرف الصندوقين الاجتماعيين بالإضافة إلى حجم ديونه المقدرة ب2300 مليار لدى الهياكل الصحية العمومية والخاصة أدت إِلى تدهور الخدمات الصحية في القطاع العمومي وتسجيل نقص في الأدوية.
تباطؤ الموارد وتصاعد النفقات
ووصف محسن حسن الخبير الاقتصادي وزير التجارة السابق أن وضعية الصناديق الاجتماعية بـ “سيئة للغاية” و بين العديد من الأسباب التي أدت الى اثقال كاهل الصناديق الاجتماعية و أفضت بها الى عدم القدرة على الايفاء بالتزاماتها تجاه منظوريها.
و منها الهيكلية و هي تردي الوضع الاقتصادي الذي أفرز تأزم المؤسسات الاقتصادية و تراجع النمو و بالتالي المساهمات تراجعت من قبل القطاع الخاص وعندما تسوء وضعية المالية العمومية تتراجع أيضا مساهمات الدولة وتتأخر في سداد التزاماتها للصناديق الاجتماعية.
و أضاف “الاقتصاد الموازي يعتبر أيضا من أهم عوامل تأزم الصناديق الاجتماعية فهذا القطاع لا يلتزم لا بدفع الضرائب و لا الانخراط في الصناديق الاجتماعية “
و أكد محسن حسن أن التهرم السكاني وارتفاع نسبة المتقاعدين من جهة و تقلص نسبة الإنتدابات الجديدة من جهة أخرى أدى الى تنامي النفقات و تراجع المداخيل الذي أضر بالصناديق الاجتماعية . وتابع لا بد من إعادة النظر في هيكلة الصندوق ومستوى خدماته وأردف “مشكلات الصناديق هيكلية بالأساس لأن نسبة البطالة في تصاعد مقابل تراجع المساهمات وهناك من يتمتع بالتقاعد حتى سن الخامسة والسبعين أو ما يسمى بأمل الحياة”
لافتا “كان من المفروض أن تتم إصلاحات جذرية في السنوات الماضية، لكن الأحزاب تعرف أن الإصلاح سيمس من مصالحها، واعتمدت الشعبوية ولجأت لاعتماد أموال في الميزانية لسدّ العجز”
و منها أسباب ضرفيه و تتمثل بالأسس في أزمة كورونا و نتائجها الكارثية على المؤسسات الخاصة و العامة .
تشجيع النشطاء في الاقتصاد الموازي على الانخراط في الصناديق الاجتماعية
واقترح محسن حسن حلولا لمعالجة الأزمة من بينها “الدخول في فترة ترقيع دون تغيير البنية الأساسية للصناديق والجرايات عبر الترفيع في قيمة المساهمات للأعراف و للأجراء رغم الضرف الاستثنائي و تدني المقدورة الشرائية و لكن الوضع حرج و لا بد من تكاتف الجهود.
بالإضافة الى زيادة نسبة الاشتراكات عبر دعوة الناشطين في الاقتصاد الموازي و تشجيعهم على الانخراط في صندوق الضمان الاجتماعي و تمكينهم من امتيازات لربح أكثر عدد ممكن منهم .
واقترح أيظا امكانية احداث الاداء على القيمة المضافة الاجتماعية و مواردها هي أداءات توظف على منتجات معينة تكون مداخيلها موجهة لدعم الصناديق الاجتماعية و هي قادرة لإنعاشها و عرج محدث 24/24 أيضا الى الترفيع قي سن التقاعد لضمان ديمومة المداخيل أكثر وقت.
و أضاف أنه لا يمكن فصل وضعية الصناديق الاجتماعية عن الوضع الكارثي لصندوق التأمين على المرض الذي يعاني من صعوبات كارثية بلغت حد عجزه عن ايفاءه بالتزاماته تجاه الاطباء و المصحات و الصيادلة و المستشفيات و بالتالي من المفروض على الدولة التقيد بالتزاماتها تجاه هذا الصندوق لتعميم الحماية الصحية التي هي حق شرعي و هذا لا يمكن الايفاء به الى عبر اصلاح و اعادة هيكلة واضحة و مدروسة.
هذا و دعى الى توحيد هذه الصناديق و تجميعها في صندوق واحد بغية القضاء على التفرقة التي لم تنجب غير العجز المستمر و في ذات السياق شدد على تحقيق العدالة الاجتماعية بين موظفي القطاع العام و القطاع الخاص في الحقوق و الواجبات من منح و خدمات صحية .كما دعى أيضا الى ترغيب الأجراء و تشجيعهم على الانخراط لدى شركات التأمين للتمتع بالتأمين الاضافي.
يسرى حطاب