ورشة لصنع “العروسة العلاجيّة” بأريانة: قد تخبرنا “الماريونات” عن سرّ وجع دفين…

تصل إلى مسامعك وأنت تسير نحو قاعة نشاط صنع العروسة العلاجية أصوات طفوليّة منطلقة، وضحكات وأجواء من المرح الذي ينبئ بخصوصيّة المكان، هنا يجلس عشرات اليافعين والشبّان الذين جمعهم حبّ الاكتشاف والرّغبة في تحقيق أمنية صغيرة وهي صنع عروس كبيرة في معانيها لأنّها محمّلة بالأماني والأحلام وخيال هؤلاء المبدعين الصّغار.

الإطار المكاني هو مقرّ الجمعية الوطنية للتربية والإدماج بأريانة والذي ينشط تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، ويضمّ إليه ما يقارب ال90 تلميذا من ذوي الاحتياجات الخصوصيّة والذين يعانون من إعاقة ذهنيّة طفيفة.

اجتمع هؤلاء مع الفنانة العرائسيّة عبير حمدي لصنع عروس تشبههم أو تشبه ما تراءى لهم من أفكار ومواقف وما استحضروه من مشاعر وهم يرسمون تفاصيلها الصّغيرة.

وفي إطار فعاليات الدّورة السّادسة من أيام قرطاج لفنون العرائس المختتمة يوم أمس السبت 08 فيفري 2025، انطلقت بمقرّ الجمعية الوطنيّة للتربية والإدماج بأريانة ورشة صنع “العروسة العلاجيّة”، هنا افترشت أرضية الطاولات بمعدّات الإنجاز من لصق ومقصّ وخيوط ملوّنة وأقمشة مفصّلة وأخرى خام وبعض القطن وغيرها من الأشياء التي تثبت أنّ على هذه الطاولة عقل يشتغل وروح سابحة في خيال من الحلم والإبداع.

كلّ على طريقته، فهناك من الشّباب من انطلق في العمل بعد التوجيهات الأولية للعرائسيّة دون أن ينادي مؤطّره، ودون أن يظهر رغبة في أن يساعده أحد، وهناك من صعبت عليه بعض المسائل، فرفع يده يطلب المساعدة، ويتحرّى حول بعض التّفاصيل في سبيل إنجاز هذه العروس.

 

عروس تعالج خفايا الأنفس …

تقول عبير حمدي وهي المشرفة على الورشة إلى جانب عدد من المؤطّرين والمكوّنين بالجمعيّة أن للعروسة العلاجيّة فوائد هامّة في قراءة ما يدور في خلد المراهق، فهو يحدّثنا من خلال هذا المنجز الفنّي عن جانب ما من أعماقه، وذلك من خلال مصطلح التصعيد أو الإعلاء، وهو فعل علاجي يكشف لنا عوالم خفيّة من نفسيّة صانع العروس.

وتواصل محدثتنا “لذلك سمّيت الورشة بورشة صنع العروس العلاجيّة، لأنها موجّهة إلى فئة معيّنة من الشباب والمراهقين، وهم من ذوي الاحتياجات الخصوصية الذين يعانون من إعاقة ذهنية خفيفة، نراقبهم فيفاجئوننا بكمّ هامّ من روح التحدّي والتميّز، ففي أعماق كل فرد منهم حسّ فنّي مرهف وجميل”.

وتؤكّد عبير حمدي على أنّ صنع العروس العلاجية يساعد بعض الأطفال من التخلّص من التشتّت الذهني ومن فرط الحركة، فضلا عن اكتساب مهارة التفكير بتسلسل منطقي لإنجاز عرائس مميّزة فيها جانب من ذواتهم وأحلامهم وطموحاتهم الصغيرة أو الكبيرة.

وفي إجابة عن سؤال يخصّ أصدق المواقف وأكثرها تأثيرا فيما تقدّمه عبير حمدي مع هؤلاء المراهقين قالت ” هناك موقف مؤثّر للغاية عشته مع إحدى التلميذات التي قالت لي أنها تريد إنجاز عروس تشبه أحد الأشخاص المتنمّرين على لون بشرتي السّمراء، وأضافت بأنها كانت تريد صنع عروس تشبهه لتستطيع مخاطبته ولومه على ما أتاه من فعل.”

تنوّع الأنشطة الثقافية والفنية في المركز…

 

ويقول محرز علوي وهو المشرف على خليّة العمل الثقافي بالجمعيّة أن من مهامّ هذه المنشأة هو الإحاطة بالتلاميذ من الناحية النفسية والفكرية والرّوحية، وحثّهم على ممارسة عدد من الأنشطة الإبداعية كالرّسم والمسرح وصنع الحليّ وصنع العرائس أيضا.

وقد وقّعت الجمعية على اتّفاقية تعاون مع المركز الوطني لفنّ العرائس وستتيح لمؤطّرينا من تلقّي تكوين مختصّ في صنع العرائس الفنّية.

ولا يقتصر النشاط الفنّي والثّقافي في المركز على أيام المهرجان بل هو متواصل طيلة السّنة مع عدد من الأنشطة المختلفة والمتنوّعة بالتنسيق مع عدد من الأطراف ومنها المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بأريانة والمركز الوطني لفنون العرائس وعدد من الفنّانين والمختصّين.

وقد انطلق هذا النّشاط منذ يوم الأحد 02 فيفري 2025 وتواصل إلى موفّى يوم 08 فيفري الجاري، أنجز خلالها كلّ تلميذ عبر المراحل عروسة متكاملة تعكس ما أراده وما طمح لتشكيله منذ البداية.

Related posts

“قلبي اطمأن” في موسمه السابع يبدأ رحلة التمكين ويُطلق منصة غيث للأعمال الإنسانية

إليسا تغني من ألحان مروان خوري لابنة ملك الأردن بمناسبة زواجها

ريم حمزة

زغوان: الدورة 27 لـ”أيام الإبداع الأدبي”