الكاتبة والروائية السعودية بدرية البشر في معرض تونس الدولي للكتاب: الذاكرة الجمعية لا تُستعاد إلا عبر الإبداع

التأمت يوم السبت 26 أفريل 2025 ندوة فكرية بعنوان “الرواية والمقاومة”، في إطار البرنامج الثقافي لمعرض تونس الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين، جمعت بين أصوات سردية وازنة من مختلف أنحاء الوطن العربي.

تصدرت الندوة الكاتبة والروائية السعودية بدرية البشر، التي شكّلت كلماتها بوصلة للنقاش حول العلاقة الحيوية بين الذاكرة والإبداع. وقد شارك فيها كل من الكاتب الليبي إبراهيم الكوني، والكاتب والقاضي التونسي إبراهيم درغوثي، والكاتبة التونسية حفيظة قارة بيبان، والكاتب الفلسطيني عبد الفتاح دولة.

في مداخلتها، ألقت بدرية البشر كلمة وقفت فيها على الدور الحيوي للكتابة في مقاومة الاندثار واستعادة الذاكرة الجمعية. قالت:

“حين يكتب المرء ولو من سن مبكرة، فإنه ينقذ لحظاته من الفناء. الذاكرة تتحول عبر الكتابة إلى فعل معرفة، وفي أعمق أوجهها تصبح الكتابة فعل نجاة. الذاكرة خزان وفيّ للآلام، وهي فصل من فصول التشافي ثم الإنجاز.”

بدرية البشر، التي طالما اعتبرت أن فعل السرد مقاومة ضد النسيان والتيه، واصلت شهادتها قائلة: “الكتابة تجعلنا أكثر حكمة ونحن نتجاوز الجراح، وأقل تطرفًا ونحن نواجه الذكرى. في طفولتي، كنت أدون ذكرياتي، وأرسم عبر الكلمات المواقف والأشخاص، دون أن أدري أنني كنت أنقذ مشاعري من الضياع، وأمنح نفسي فرصة فهم أعمق للحياة.”

 

وفي سياق حديثها عن تجربتها الأدبية، استحضرت البشر روايتها الشهيرة (غراميات شارع الأعشى)، مؤكدة أن الذاكرة الجمعية لا تُستعاد إلا عبر الإبداع: “أدركت حين تحولت الرواية إلى مسلسل درامي أن الناس كانت متعطشة لتتذكر ثلاثين عامًا مضت من العنف والتشدد الديني. لم يفقدوا أبناءهم فحسب، بل فقدوا أحلامهم، حرياتهم، واتساع خياراتهم. لقد احتجنا أن نتذكر، أن نستعيد قدرتنا على الحلم. الرواية تمنحنا هذه القدرة: أن نحفظ ذاكرتنا، أن نُسائلها، وأن ننهض من رمادها، دون أن نفقد المعنى. الكتابة هي مقاومة للسقوط في العدم، وفعل تحرر يبدأ من استعادة الذاكرة.”

 

وقد جسدت بدرية البشر من خلال شهادتها كيف أن فعل السرد ليس مجرد استحضار لوقائع منسية، بل هو نهوض مستمر ضد التيه، ومحاولة دؤوبة لاستعادة إنسانية الإنسان في وجه النسيان والاستلاب.

بدرية البشر هي واحدة من الأسماء البارزة في المشهد الأدبي السعودي والعربي، كاتبة وروائية وصحفية حائزة على الدكتوراه في الفلسفة الاجتماعية من الجامعة اللبنانية، عرفت بأسلوبها السردي ونظرتها النقدية العميقة لقضايا المجتمع. نشرت العديد من الروايات والمجموعات القصصية التي لاقت صدىً واسعًا، أبرزها “غراميات شارع الأعشى”، “هند والعسكر”، و”زائرات الخميس”، حيث قاربت في أعمالها قضايا المرأة، والحرية الفردية، والتحولات الاجتماعية في الخليج وبلغة تجمع بين البساطة والعمق. وهي إلى جانب إنتاجها الأدبي، صوت ثقافي ملتزم شارك في إغناء النقاش العام حول قضايا الهوية والحرية والتغيير، مما جعل حضورها في ندوة “الرواية والمقاومة” امتدادًا طبيعيًا لمسيرتها التي اتخذت من الكتابة فعل مقاومة ضد النسيان والتهميش.

 

Related posts

رشا بن معاوية تشارك في بطولة مسلسل “بنون”

ريم حمزة

فنانة مصرية أخفت مرضها خلال التصوير.. وتوفيت قبل عرض مسلسل “وعد إبليس”

Rim Hamza

فتح باب الترشح للمشاركة في مشروع “نوادي الإبداع” لنشر ثقافة احترام حقوق الملكية الأدبية والفنية

ريم حمزة