التحكّم في حركة الكرسيّ المتحرك من خلال جهاز تشغيل دماغي آلي: فريق تونسي في التصفيات النّهائية لجائزة المخترعين الشبان لسنة 2024

وفقًا لمنظمة الصّحة العالميّة، من المُتوقّع أن يحتاج ما لا يقل عن 80 مليون شخص (أو ما يعادل 1٪ من سكان العالم) إلى كرسي متحرّك من أجل التّنقل، إلّا أنّ العديد منهم لا يملكون القدرة للسّيطرة كلّيّا على  الجزء العلوي من أجسادهم ممّا يدفعهم إلى الاستعانة بالمساعدين الصحيّين للتحرّك٠ استطاع فريق من مهندسات تونسيات شابّات، تتراوح أعمارهنّ بين 26 و 28 سنة، وهنّ خولة بن أحمد (28 سنة) وغفران العياري (28 سنة) وسليمة بن تميم (28 سنة) وسيرين العياري (28 سنة)، من التّطرق إلى هذه المسألة من خلال تطوير  نظام التّحكم الذّكي للكراسي المتحركة “موفوبراين” ٠ ستُمكّن هذه التّقنية المستخدمين من تشغيل كراسيهم المتحركة باستخدام الصوت، إشارات الدماغ، تعابير الوجه، أو لمسة بسيطة عبر الهاتف الذكي ٠ ويوفّر هذا الابتكار استقلالية حديثة للذين لم يجدوا حظّهم مع التقنيات المساعدة التّقليدية ٠ يستجيب نظام “موفوبراين” الذي  تم ترشيحه لجائزة المخترعين الشبان المُنْدرجة في إطار جائزة المخترع الأوروبي لسنة 2024، لاثنين من “أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة” ٠ وقد تمّ اختيار المخترعات الشابات من بين أكثر من 550 مترشّحًا لنسخة هذا العام٠

 

تكريس التّنوّع والشّموليّة

يقدّم نظام “موفوبراين” طريقة جديدة للتّحكم في الكراسي المتحرّكة، مصمّمة لتلبية الاحتياجات المختلفة لمستخدميها٠ ويتميز هذا النّظام بأربعة أوضاع قيادة مختلفة: حيث يتيح “وضع القيادة الصوتيّة” التّشغيلَ من خلال الأوامر الصوتية ؛  أمّا “وضع القيادة الدماغية” فيستخدم سماعة رأس متخصّصة تستشعر إشارات الدماغ ؛ فيما يسمح “وضع القيادة عبر تعابير الوجه” بالتّحكم من خلال تعابير الوجه؛ ويوفّر “وضع القيادة اليدويّة” لوحة رقميّة أو واجهة تطبيق الهاتف الذّكي للذين يتمتعون ببعض القدرات اليدويّة٠ تمّ تصميم هذا النّظام، الذي صنعته شركة الفريق الناشئة ، جوينر، لتحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من قصور في التّنقل ٠ وتُغطّي أنماط القيادة الأربعة الاحتياجات والإعاقات والظروف الصّحية المختلفة ٠ كما أنّ هذا النّظام متاح للأشخاص النّاطقين والبُكم على حدّ السّواء ، و يشمل أربعة حلول في واحد ممّا يجعل تأثيره المحتمل اكبر بكثير ، ويمكن تعديله على الكراسي المتحركة التقليدية٠

هذا ويوفّر نظام “موفوبراين” للمساعدين ومقدمي الرّعاية الصحية امكانية تتبّع مسار الكرسيّ المتحرّك وحالة بطاريّة هاتف المستخدم في أيّ وقت، بالإضافة إلى تلقّي الإشعارات والتنبيهات ٠ لا تقتصر هذه المقاربة الشّاملة على الإلمام بمجموعة واسعة من الإعاقات فحسب، بل وتحرص كذلك على استقلالية المستخدم وسلامته واستمراريّة تواصله مع المحيطين به٠

 

نحن نحرص على التّواصل بشكل دائم مع مستخدمي الكراسي المتحرّكة من أجل تطوير نظامنا باستمرار ومساعدتهم على اكتساب المزيد من الاستقلاليّة في التحرك دون مساعدة الآخرين ٠ نريد أن نجد لهم حلاً، حتى لا يشعروا بأنهم محاصرون في المنزل أو في تبعيّة دائمة للآخرين٠» هذا ما صرّحت به خولة بن أحمد، الرئيسة التنفيذية والمؤسسة المشاركة لشركة جيوينر٠

تحسين جودة الحياة من خلال الابتكار

أثناء دراستهن الجامعية بالمعهد العالي للتكنولوجيات الطبية بتونس العاصمة، كان الدّافع لتطوير عضوات الفريق الشابّات نظام “موفوبراين”، إصابة أحد أفراد عائلة إحداهنّ بإعاقة مفاجئة، ممّا رسّخ الحاجة الماسّة إلى تكنولوجيات مساعدة أكثر قابلية للتكيّف٠

 

منذ تأسيسها في عام 2019، تمّت الإشادة ب “جوينر” بموجب قانون الشركات النّاشئة التّونسية لمساهماتها المبتكرة، وبرزت في التظاهرات التكنولوجية الدوليّة على غرار “فيفاتاك باريس”، وحصدت عديد الجوائز للتميّز التكنولوجي٠ كما استفاد الفريق من الإرشاد والمرافقة من برنامج مدعّم من بنك الاستثمار الأوروبي، ممّا ساهم بتزويدهم بالخبرات في الشؤون المالية وتخطيط الأعمال٠

يساهم نظام “موفوبراين” بشكل مباشر في تكريس أهداف الأمم المتحدة للتّنمية المستدامة، خاصة الهدف الثالث المتعلق بالصّحة الجيدة والرّفاه، والهدف العاشر، الذي ينصّ على الحدّ من أوجه عدم المساواة ٠ فمن خلال تقديم حلّ مبتكر يعزّز التنقل والاستقلالية، يعالج الاختراع صحّة ورفاهية شريحة هامة من البشريّة الذين يواجهون تحدّيات يوميّة بسبب إعاقات التّنقل٠ وعبر استيعاب مختلف الإعاقات بأساليب التّحكم المتعددة، يقدّم “موفوبراين” المزيد من فرص التّنقل والاندماج بشكل أكبر في المجتمع٠

 

يندرج اختيار التونسيّات صاحبات الابتكار من ضمن ثلاثة فرق تتنافس في الدور النّهائيّ على جائزة المخترعين الشبان ضمن فعاليات “جائزة المخترع الأوروبي” لهذا العام، التي تنتظم تكريمًا للمخترعين المتميّزين دون سنّ 30 سنة٠ أما عن باقي المتأهّلين للتّصفيات النهائية فهم الهولندية روشيل نيميجر(Rochelle Niemeijer)، التي يمكن ان تكون مجموعة الاختبارات المحمولة الخاصة بها للتعرف السريع على الالتهابات البكتيرية حاسمة في مكافحة مقاومة المضادات الحيوية، والأوكراني فالنتين فريشكا(Valentyn Frechka) ، الذي طور طريقة لتحويل الأوراق الميتة إلى ورق قابل لإعادة التدوير، وبالتالي الحد من إزالة الغابات وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وسيتمّ الإعلان عن الفائزين بنسخة 2024 من جائزة المخترع الأوروبي وجائزة المخترعين الشبان خلال حفل يتم بثّه مباشرة (الرابط) من مالطا يوم 9 جويلية 2024 ٠

 

Related posts

سحب أحيانا كثيفة مع بعض الأمطار المتفرقة بالجنوب و بالمناطق الساحلية للشمال و الوسط

Ra Mzi

الأربعاء: طقس مغيم والحرارة في انخفاض

Halima Souissi

طقس مغيم جزئيا على كامل البلاد. الريح جنوبية غربية قوية قرب السواحل الشمالية

Ra Mzi