في إطار انفتاحه على التجارب الفنية التي تخوض في مسائل اللجوء والهجرة والعنصرية وحركات المقاومة المترتبة عنها ماض وحاضرا، يتيح مهرجان دريم سيتي الذي تنظمه جمعية الشارع فن في الفترة الممتدة من 22 سبتمبر إلى 08 أكتوبر لجمهوره فرصة لمشاهدة أفلام للمخرج المالي “مانثيا دياوارا” ضمن قسم “دريم بروجكتز”.
ويشارك المخرج مانثيا دياوارا بأربعة أفلام هي “أوبرا للعالم” و”أنجيلا ديفيس: عالم من حرية عظيمة”، و”ادوارد غليسانت: عالم واحد مترابط”، و”الزنوجة: حوار بين سوبنكا وسنغور”، كما أمّن لقاء حواريا حول السود والعنصرية أدارته المشرفة على قسم “دريم بروجكتز” والمديرة الفنية حور القاسمي.
و”أوبرا للعالم” الذي عرض مساء الأربعاء في قاعة الفن الرابع فيلم وثائقي مدته 70 دقيقة، مستوحى من الأوبرا الإفريقية “Bintou Were” أوبرا من الساحل تروي الدراما الأبدية للهجرة.
وهذه الأوبرا التي تم تصويرها على عين المكان في باماكو عام 2007، كانت بمثابة مرآة المخرج “مانثيا دياوارا” لبناء قصة جمالية وتأملية من خلال الغناء والرقص في علاقة بتراجيديا الهجرة بين الشمال والجنوب الجديدة والمتجددة، وكذلك بأزمات اللاجئين الراهنة.
ويتناول الفيلم واقع اللقاءات الثقافية من خلال مفاهيم التهجين وتمازج الأجناس وفيه تتجلى حدود المزج بين وجهات النظر الإفريقية والأوروبية عبر التشابك والتقاطع بين عروض أوبرا “بينتو وير” ، وصور توثيقية للمهاجربن الماضي والحاضر، ومقابلات مع مثقفين وفنانين ونشطاء اجتماعيين أوروبيين وأفارقة، من بينهم ألكسندر كلوج، وفاتو ديوم، نيكول لابيير، وريتشارد سينيت.
أما “أنجيلا ديفيس: عالم من حرية عظيمة” فهو فيلم وثائقي مدته 77 دقيقة يتطرق إلى سيرة هذه الناشطة السياسية الأمريكية وأعمالها ويتخذ شكل مجموعة شعرية حول الـتوجه النقدي لديفيس ونضالاتها من أجل علاقات مغايرة في عالم جديد بصدد التشكل.
وتلاحق كاميرا “مانثيا دياوارا” “ديفيس” وهي تمشي عبر غابة من أشجار السيكويا العملاقة، تعمل في الحديقة أو تفسّح كلبها، وسط التفكير في العديد من الأسئلة، بما في ذلك أفكار الحرية والمقاومة والتمرد وإعادة تشكيل عالمنا، الزنوجة السياسية، فكر السود الراديكالي، الموسيقى، الحركة النسوية في بعديها الوطني والدولي، النسوية في الجنوب، تغيرات الأجيال، الجدلية، التناقضات وأفريقيا والجنسانية والرغبة وأيضا الصداقة.
والفيلم ليس سيرة ذاتية ولا سردا روائيا متخيلا، فصور “دياوارا” التي تتخللها وثائق أرشيفية ذات صلة، تظهر كأنها خلاصة شعرية لتفكير ديفيس النقدي وقراءة أخرى مختلفة لمسيرة امرأة ما انفكت تناضل من أجل التغيير.
وفي ” الزنوجة: حوار بين سوبنكا وسنغور” الفيلم الوثائقي الذي يمتد على 59 دقيقة استخدم “مانثيا دياوارا” لقطات أرشيفية ومقابلات لخلق حوار خيالي بين “ليوبولد سيدار سنغور” الشاعر والسياسي السنغالي وأحد قادة حركة الزنجية وول سوينكا، الكاتب النيجيري الذي كان أول أفريقي يفوز بجائزة نوبل.
وفقًا لدياوارا، “يسائل الفيلم الأهمية الراهنة لمفهوم الزنوجة، في مواجهة انتقادات العديد من قبل المتربصين، لا فقط في سياق حركات إنهاء الاستعمار والاستقلال في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ولكن أيضًا لفهم المشاهد الفنية والسياسية المعاصرة للقومية، التعصب الديني، والتعددية الثقافية، ونزوح الأفارقة وشعوب أخرى من الجنوب، فضلاً عن سياسات الهجرة المعادية للأجانب في الغرب.
ويقدم هذا الفيلم تفسيرا عميقا لمفهوم الزنوجة وتطوره التاريخي منذ نشأته حتى يومنا هذا بالإضافة إلى قدرته على التأثير على الأجيال القادمة.
و “ادوارد غليسانت: عالم واحد مترابط” فيلم وثائقي مدته 50 دقيقة وثّق فيه مانثيا دياوارا محادثاته مع الفيلسوف والكاتب والشاعر المارتينيكي “إدوارد غليسانت” خلال رحلة عبر المحيط الأطلسي.
هذه الرحلة الفكرية تلخص دراسات “غليسانت” أحد أبرز المفكرين والباحثين والمعلقين الثقافيون الأكثر تأثيرًا حول نظريته العلاقة ومفهوم الكل، من بين العديد من افتراضاته الفلسفية الأخرى.
وقد تم إنتاج هذا الفيلم الوثائق عامين فقط قبل وفاته ويعتبر توليفة نهائية لدراسات “غليسانت” في مجال الفلسفة، والتي تتيح الإفادة لأي طالب في الفلسفة أو الدراسات الكاريبية أو الأوروبية.
وفي اللقاء الذي أدارته المشرفة على قسم “دريم بوجكتز” حور القاسمي في قشلة العطارين تحدث “كانثيا دياورا” عن رحلته من باماكو إلى فرنسا ثم إلى نيويورك وعن الشخصيات المهمة التي التقاها في مسيرته وألهمته أفلامه.
كما تحدث عن الزنوجة وحركات السود وأفكارهم وعن العنصرية ولم يفوت الفرصة للحديث عن تونس وحبه لتفاصيلها وعن مشاركته في أيام قرطاج السينمائية وعن دور الثقافة في رسم السياسات.
وتطرق الحوار أيضا إلى الدراسات الثقافية للسود والأفارقة والأفلام الوثائقية التي تجعل أصواتهم مسموعة أكثر وإلى الهوية السوداء وأشكال الخوض فيها وعن الاستعمار الجديد والهجرة والعولمة.