بعد أن ثبتت الحاجة الشديدة إليه هل سيبدأ تنفيذ الاصلاح التربوي مع العودة المدرسية المقبلة؟

تتطلع الاسرة التربوية إلى أن تكون العودة المدرسية المقبلة مخالفة لسابقاتها، وسط آمال بأن تتزامن مع بدء تنفيذ الاصلاح التربوي المرتقب.

و انتهت السنة الدراسية منذ ايام مخلفة حملة استنكار واسعة من معظم الاولياء و المربين الذين لمسوا عن قرب مدى ارتهان ابنائهم الى توترات و معارك لا تكاد تنتهي بين سلطة الاشراف و الطرف النقابي، علاوة على التراجع اللافت في جودة التعليم في مؤسسات التعليم العمومي بشهادة الاولياء ومختلف الاطراف المتداخلة في العملية التربوية

وقد أشرف رئيس الجمهورية قيس سعيد في شهر افريل الماضي على جلسة عمل حول الاستشارة الوطنية المتعلقة بإصلاح التربية والتعليم، و اكد خلالها أنّ التعليم العمومي هو أساس أي إصلاح وانه لا يمكن التفريط في هذا المكسب ، و ان الازدهار الحقيقي للشعب يتم بفكر حر و مستنير ،مشددا على أن الأمر يتعلق بمستقبل الأجيال المقبلة لتونس .

وخلال اللقاء ذاته اشار رئيس الدولة انه سيتم قريبا وضع قانون يتعلق بالمجلس الاعلى للتربية و التعليم و قانون آخر يتعلق بنظام التعليم التونسي مشيرا إلى ان مدارس و مؤسسات جامعية اصبحت لا تستجيب للشروط الدنيا للتعلم والتعليم، حسب تعبيره.

كما تطرق الرئيس قيس سعيد في ذلك اللقاء إلى الاستشارة الوطنية المتعلقة بإصلاح التربية والتعليم وقال “إن الجميع سيبدون رأيهم في تلك الاستشارة الأولية وهو دليل على العزم على مواصلة الإصلاح وتحقيق أهداف الثورة  ”

ومن المرتقب أن يحيل رئيس الجمهورية قيس سعيّد على مجلس نواب الشعب قريبا مشروعي قوانين يتعلقان ببدأ مسار الاصلاح التربوي الذي وعد به، و الذي خصه بفكرة المجلس الاعلى للتربية التي تم تضمنيها في الدستور.

ووفق الفصل 135 من دستور جويلية 2022 يتولّى المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل.

وفي 7 افريل الماضي اذن رئيس الجمهورية بتكوين لجنة مكلفة بإعداد مشروع نصّ استشارة الكترونية حول إصلاح التربية والتعليم على أن تنطلق في أشغالها خلال ايام.

و قال وزير التربوية محمد علي البوغديري في احدى التصريحات الاعلامية، ان رئيس الجمهورية قيس سعيد يعتزم الاشراف بنفسه على المجلس الاعلى للتربية، كما انه من المنتظر ان يكون الانتهاء من الامتحانات الوطنية انطلاقة لمسار اصلاح منظومة التربية في تونس.

مكامن الاصلاح

يجب أن يستهدف الاصلاح التربوي المأمول عدة محاور كان قد طالها التشخيص من أكثر من طرف متداخل في العملية التربوية، ومن بين أهمها معالجة العلاقة التربوية والمناخ التربـــوي و الذي من مظاهره تفشي ظاهرة العنف اللفظي والمادي وتراجع مكانة المربي الاجتماعية و تفاقم أزمة القيم في المجتمع .

ومن بين أهم المحاور التي يجب ان تطالها ايضا عملية الاصلاح المقاربات البيداغوجية التي تواجه مقاومة بخصوص اي جديد نظرا لدرجة التعقيد الذي عليه هذه المقاربات البيداغوجية مثل المقاربة بالكفايات، والتي تستوجب تكوين أساسي متين لتجاوز التدريس المرتكز على التلقين والإملاء والحفظ والتكرار.

ومن المطلوب ايضا ملاءمة منظومة التقييم مع المكتسبات والتعلمات و تجاوز التذبذب الملاحظ في الاختيارات التربوية خصوصا في مستوى منظومة التقويم المعتمدة، فمرة تبرمج مناظرة لسنوات الرابعة ابتدائي ومرة يعدل عنها، ومرة يجعل من مناظرة النوفيام (ختم التعليم الأساسي) مناظرة إجباريــــة، ومـــرة أخـــرى يعــدل عن ذلك…الخ. وعادة ما يخضع في ذلك إلى تزلف الوجدان الشعبي لا إلى التقييم العلمي لضرورات التكوين الجيد للمتعلّم.

ويأمل من خلال هذا الاصلاح رفع التكوين اللغوي للمتخرجيـــن فضـــلا عن المنقطعين عن الدّراسة، سواء في مستوى اللّغة الأم أو في مستوى اللّغات الأجنبية و العودة إلى التركيز على مواد هامّة مثل المطالعة الحرّة والموجّهة والإملاء و المراقبة الجديّة للمستوى اللّغوي لدى المتعلّمين ولدى المعلّمين على حدّ سواء. مع التركيز في السنوات الأولى على اللغة الأم، مع توفير مخابر لغوية سمعية بصرية ووضعيات حية مكثفة للاستخدام السليم للغـــة. والاستفادة من الإمكانات التي توفرها وسائـــــل الاتصـــال الرقميـــة للدخـــول في تفاعل مباشر مع أصحاب اللغات الأجنبية كالفرنسية والانجليزية والألمانية والإيطالية، ولم لا الصينية والتركية كذلك.

يجب ايضا تدعيم الموارد المالية الموضوعة على ذمّة المنظومة التربوية، فبالنظر إلى الرّهان الكبير المعقود على تربية الإنسان وتكوين المواطن الفعّال في بلادنــــا، كمـــا تروّجــــه الشعارات، على حساب التحقيق الفعلي لها، تعتبر الإمكانات المادية المرصودة للتربية في تونس ضعيفة ولا تفي بالحاجــــة، و كانت حركة الشعب قد قدمت مؤخرا في البرلمان مقترح قانون يعنى باحداث صندوق للاصلاح التربوي تتمثل مواردة من تبرع التونسيين بالخارج و الداخل اضافة الى مساهمات اخرى يجري نقاشها في المجلس.

و على المستوى النظري تبدو العطلة الصيفية فرصة ملائمة جدا لبدأ مسارات الاصلاح التربوي، حيث ان كل الظروف مهيأة لأن ترافق العودة المدرسية المقبلة انطلاقة جديدة لواقع التعليم في تونس.

 

Related posts

رادس:حجز 60 قطعة نقدية يُشتبه في كونها أثرية والإحتفاظ بـ4 أشخاص من أجل الاتجار في الآثار

قفصة: حريق في محل لبيع البنزين المهرب يسفر عن إصابة شخص بحروق

Na Da

الرئيس قيس سعيد يستقبل المدير العام لمنظمة العمل الدولي

Ra Mzi