من دورة إلى أخرى، تتجدّد رهانات قابس سينما فن ويرتفع سقف الطموحات بناء على إنجازات حقّقت ووعود في طور التنفيذ وتجارب تستحقّ المراجعة. انطلقت يوم أمس ، الدورة الرابعة للمهرجان الذي يتّخذ مكانة استثنائية في مشهد المهرجانات السينمائية العربية لتمسّكه بخطّه التحريريّ الذي بني على تصوّر خاصّ للسينما وبضمّه لفنون الصّورة بمختلف أشكالها وأنماطها ضمن برمجته التي لا تتوقّف عند العروض والمشاهدة، بل تضع هذه الفنون محلّ مساءلة جمالية وسياسية دائمة لتجمع صنّاع الصّورة حول طاولة التفكير في المناهج الفنيّة والمسارات الإبداعية بمختلف إشكالاتها ووعودها
خلق “قابس سينما فنّ” في قابس ومن أجلها، وإيمانا من هيئة المهرجان بأهمية انخراط الفعل الثقافي في بيئته ومحيطه وبأن خلق الصورة هو فعل سياسيّ بامتياز، يتبنى المهرجان قضايا مدينته ومنها بلده وما يتقاسمه مع العديد من بلدان العالم من خلال برمجة فنية تغوص في هواجس الفرد وتعرّي دواخل العيش المشترك لدى المجموعة، وكذلك من خلال أنشطة تخرج بالمهرجان من نطاق التظاهرة الفنية وتكسبه بعدا اجتماعيا وتنمويا-ثقافيا من خلال تشريك المجتمع المدني في عدّة فعاليات وعدم الاقتصار على القاعات والفضاءات المغلقة لتتحوّل قابس بجزء من مؤسساتها وواحتها إلى قاعة عرض كبيرة
تأتي هذه الدورة الرابعة لقابس سينما فنّ في ظروف بيئية واجتماعية عسيرة تشهدها المنطقة وسكانها، وكما تنعش التظاهرات الثقافية محيطها على مستويات عدّة، فهي تشكّل أيضا فعل مؤازرة وتعاطف، من خلال ما تقدّمه من رسائل مقاومة وإصرار على الإبداع والخلق والإنتاج
ولأنّ التوقّف عن الاحتفال والاحتفاء بالفنّ هو موت سريريّ للشعوب وثقافاتها، قدّم مغني الراب التونسي “جنجون” مجموعة من أغانيه في فقرات تفصل بين التقديمات الخاصة بمختلف أقسام المهرجان بالإضافة إلى لجان تحكيم مسابقات الدورة الرابعة لقابس سينما فن
يطرق “قابس سينما فن” هذه المرة باب الذاكرة الجماعية لمدينته وينظم معرضا عن تاريخ كرة القدم في الجهة، وقد أطلق المهرجان دعوة مفتوحة لجمع الأرشيف توجه بها لمشجعي كرة القدم في قابس أو في أي مكان آخر ممن تتوفر لديهم مخطوطات توثيقية أو غيرها من صور، فيديو، أغاني، نصوص، مقالات صحفية، هدايا تذكارية، قبعات، أعلام، لافتات، وأي شيء آخر عن تاريخ كرة القدم في قابس (الرجالية والنسائية )، وقد افتتح المعرض إثر حفل الافتتاح ليتواصل إلى آخر أيام المهرجان بقاعة لاغورا قابس
من 6 إلى 12 ماي 2022، لجمهور قابس وجمهور السينما موعد مع فنون الصّورة بكلّ أشكالها، فبالإضافة إلى البرمجة السينمائية بمختلف أقسامها من مسابقة رسمية ووعود السينما للمخرجين التونسيين الشبان وحديثي التخرّج وسينما الطفل وسينما الأرض، يتجدّد الموعد مع قسم الكازما لفن الفيديو لنكتشف من خلاله خيارات أمين المعارض والفنان التشكيلي والمسرحي اللبناني ربيع مروة. كما سنلتقي هذه السنة بفناني فيديو شبان في قسم الكا أوف في دورته الثانية تحت إشراف أمينة المعارض الشابة كنزة جمالي. هذا ويتواصل قسم الواقع الافتراضي تحت إشراف محمد العربي صوالحية الذي يأخذنا إلى عوالم الصورة بتكنولوجياتها الحديثة، ويعرّفنا على إنتاجات مسابقة الهاكاتون للواقع الإفتراضي التي تأتي إثر ورشة إبداعية مع طلبة المعهد العالي لفنون الملتيميديا بقابس. كما يمتاز قابس سينما فن في دورته الرابعة بقسم جديد بعنوان “تعالا شوف” وهو ورقة بيضاء للرئيسة الشرفية للمهرجان هند صبري التي اختارت تقاسم الفرجة مع جمهور قابس لفيلمي “البداية” لصلاح أبو سيف و”الأرض” ليوسف شاهين